الداء الشرير

على لسان مصاب بالكورونا

هذا الداء أودى بجسمي الحي ميتا
زائر ليس به حياء… يزور في النور والظلام
بات في رئتي حبيسا بين الحشايا
وأنا كنت أول الضحايا
لم يفارقني إلا بعد أن ألقى الكرب بعظامي
وسط الزحام والعناق وبين الرذاذ وصلتني سهامه
وها أنا القوي أقعد الدهر جريحا
أعيش بجرعات مورفين تسكن آلامي
أنا الذي سقاه الزمن من المآسي ولم أقل يوما آه حتى في همس
حمى لم تفارقني وزادت غليل صدري بالأمس
يوم خميس أسود جاءتني في غفلة مني
قالوا إنه مريض وفي العناية المركزة جهزوا سريره
أصبحت طريح فراش الموت والوسادة
وسط غرفتي أقضي فيها أيامي وحدي
والدواء بجانبي وفي شرياني يخفف آهاتي
وكم آه أرقت مضجعي ولم أعلم أين أسند جبهتي
في زنزانتي (غرفة العزل) قطن أبيض، أنبوب مصل
نقاب أطباء أبيض، تاج التمريض الأبيض
لون الأسرة وكوب الحليب
كل هذا البياض يزيدني وهنا ويذكرني بالكفن
سألت عن دائي؟ قالوا من سلالات الكوفيد
أتنفس بصعوبة بالكاد دقيقة وثانية
أ أنا مغمى علي أم ما زلت مستيقظا أصارع ؟
جاءني طبيب، قال لا تجزع كل شيء مضبوط
ارتح وخذ هذا الدواء
وانس الهموم حتى لا يصيبك القنوط
ولا تشغل البال بماضي الزمان
اكتف بالدعاء واطلب الفرج من الله
لعله محدث لك فرحة رغم الجراح
آه لو تعلم أن الداء أطفأ جمر الفرح
و لم يبقى منه سوى رماده
كم بت أدعوا الله من نهر الشفاء أن يسقيني
متى يجافيني المرض وتضمني الصحة بأكفها إلى أحضانها
بجانبي عيون برموشها ساهرة تداريني وتداويني
وجوه توزع الحب لتبدد ألحان السقم والأحزان
هذه الوجوه المستبشرة؛ نجوما تسطع شموخا وسموا
ها هم الملائكة يهبون في ردع البلا موحدين.

الداء الشرير

حفصة اللمطي

طالبة تمريض، تخصص علاجات استعجالية و عناية مركزة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *