المرة الأولى

أتذكر ذلك اليوم جيداً ولا يغيب عن الذاكرة أبداً اليوم الأول واللقاء الأول والنظرة الأولى ،ولا أملك سوى الذكريات التي لا سبيل للهروب منها.كُنت كما إعتدتُ صباحاً أحمل دفتر مُذكراتي وقلمي الجاف …أستطيع القول بأن هذا القلم صديقي الوفي … في إحدى مقاهي مدينتنا الهادئة جلست بالقرب من النافذة، التي لطالما أحببت الجلوس بقربها أُراقب ذلك الشارع ووجوه الغرباء التي تحمل مئات القصص في تفاصيلها. طلبت من أحد العاملين ان يُحضر لي مشروبي المفضل “شاي بالنعناع “…كُنت غارقة في أفكاري مُسافرة بخيالي إلى مكان  آخر من هذا العالم، فإذا : بصوتٍ قريب مُنخفض يقولُ لي : عُذراً هل يمكن  لي ان أُشارككِ هذا اللحظة ،ثم نظر إلى كوب الشاي وقال بتطفل :غريبٌ أمركِ؛ فـالنساء عادة يُفضلن القهوة صباحاً، ولا يضعن السُكر فيها… نظرت إليه بإستغراب ودهشة، ثم قلت من أين لك هذه الجرأة  لتتفوه بهذه الكلمات؟… لُطفاً مني ،لا أود أن يُشاركني أحد عزلتي ، أُفضِلُ الجلوس لوحدي لقد إعتدت العيش  في هذا المقهى بالرغم من هذه الضوضاء التي تُحيط بي ، رد بنبرة هادئة : سأخبرك الحقيقة: أنا .أعرف عنكِ الكثير.. فمنذُ مُدةٍ طويلة كُنت أراقب صمتك، وأعلم عن دفتر مذكراتك وهذا القلم الذي تحملينه دائماً لحظة صمت سادت المكان وأسئلة عديدة كانت تروادني من هذا الغريب، وكيف يعرف تلك التفاصيل ؟

لقد كُنتُ أكتب كل يوم لحبيبٍ وهمي خيالي ليس له وجود، وانني سوف ألتقي به قريباً… ولا أعلم أين المكان والزمان.. فإذا بهذا الغريب يسرد لي تفاصيل قصتي التي أصبحت أجهل بعضاً منها …هل يُعقل أن يكون هذا  الغريب هو الحبيب الخيالي لتلك القصة ؟ استدركت نفسي بسرعة وأخبرته بأني لا أريده  أن يكون بطل القصة، لا أُريد ان أُلحق الضرر بالآخرين.

…وضعت دفتري وصديقي القلم في حقيبتي ورحلت… تركت لأول مرة في حياتي  ذلك المقهى الذي لطالما أحببته وكان جزء من ذكرياتي وأفكاري… لقد كانت رغبتي الدائمة أن تنتهي قصتي بلا فارس .

فطيم عليان العتيبي

خريجة لغة إنجليزية وأدب أهوى القراءة وتحديداً قراءة الشعر أحياناً اكتب مقالات وأحياناً اكتب القصص. نُبذة تعريفية: وُلدتُ ليلة إكتمال القمر لذا يُشعُ النور من أعماقي ليُضيء عتمة الدروب الحالكة التي عبرناها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *