كورونا درس للبشرية

وفي كورونا خير أيضا

إن الحديث عن الكوارث، الفيروسات والأمراض وما إلى غير ذلك يغرق النفس والروح في بحر الاكتئاب والحزن فينسي فائض الفرح والابتسامة على الوجه؛ إلا في هذا الزمن، زمن كورونا.

الحياة قبل ظهور كورونا ليست هي نفسها بعد رحيله، الأشياء البسيطة التافهة التي كنا لا نعطي لها حتى ثانية من التفكير والاهتمام، أصبحت الآن أكثر الأشياء التي نقوم بترويض أفعالنا وعقلنا لتقبلها والقيام بها؛ فمن كان يهتم لضرورة غسل يديه قبل وبعد كل خروج أو دخول وحتى من دون أي سبب، مع غسل الخضر والفواكه قبل إدخالها إلى الثلاجة أيضا.

من كان يهتم لرفوف الكتب والروايات في مكتبته ، الكل كان يلهث وراء الحياة المادية والفخامة المظهرية، لم نكن نسأل كل يوم عن أهلنا وأقاربنا حتى أصبحت سمة من سماتنا اللعينة، لكن كلمة فيروس غرست فينا رعب الموت وأن هذا الأخير يسلب منا أغلى ما نملك من أحبائنا.. أصبح هوس التساؤل والاطمئنان على أنفسنا وأهلنا في نواة خليتنا العصبية والعقلية.

كما قلت سابقا، الحياة قبل الجائحة ليست هي الحياة بعدها لأنه تم ترويض العقل على إعطاء قيمة للأشياء المنزلية والقيمة الفردية. فمثلا، هل كانت تعني لك الساعة السادسة مساء أي شيء معين قبل كورونا ؟ طبعا لا؛ الآن أصبحت ساعة حتمية متعلقة بدخولك إلى البيت ومتعلقة بحريتك وعلاقتك المخزنية والقانونية بمدينتك. تم ترويضنا وتسييرنا بطريقة غير مباشرة نحو احترام الوقت! أظنها عادة إيجابية متميزة لم يكن يعيرها أغلبنا أي اهتمام، وهذه فقط عادة من بين عادات إيجابية كثيرة وضعت الفرد في موضع مسؤولية ويكون مسؤولا عن تأمين مستقبل آخرين هو مسؤول عنهم بطريقة أو بأخرى.

أصبح القلق والخوف من المستقبل سمة من سمات هذا الزمان التي غرست في نفوسنا وتجعلنا نضع خطط وقوانين ونحن في طريق الحياة لذلك يجب على الإنسان أن يبحث عن ما يرضي عقله ويشبع روحه ويعيد ثقته بنفسه وطمأنينته التي بدأ يفقدها في زحمة الحياة، لنترك الأشياء التي لا فائدة منها تضيع وقتنا وتهضمه، الحياة مليئة بالأهداف فلنختر واحدا ونقاتل لأجله، النجاح هو نتيجة الشعور بسعادة وأهم شيء القناعة، عندما تكون قنوعا بقدراتك ومؤهلاتك وحتى مكانتك الاجتماعية وسط محيطك ستكون سعيدا.

كن أنت ولا تكن نسخة عن أناس آخرين، فعلى سبيل المثال لقد كان “إلفيس بريسلي” المغني الأمريكي المشهور يمتلك كل شيء؛ الشهرة، الجمال والثراء، لكنه لم يكن سعيدا أو بالأصح لم يكن قنوعا بما لديه فأنهى حياته بالانتحار نتيجة الأفكار والشعور بالتعاسة وانعدام القناعة في نفسه. لذلك، وفي ظل هذه الأوضاع الفيروسية، ابحث عن نفسك فالوقت كاف لكي تعيش ما تبقى من حياتك سعيدا.

كورونا درس للبشرية

رانيا سمحاوي

طالبة تقني متخصصة في التنمية المعلوماتية ،وناشطة جمعوية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *