من عشق صاحبة الجلالة ما قتل

عندما يتحول الحلم إلى حقيقة

لكل قصة حب بداية، وقصة حبي للإعلام نشأت منذ أن كنت في المدرسة الإعدادية، أتذكر جيّدا حينها، عندما يسألني أحدهم عن المهنة التي أريد ممارستها مستقبلا كنت أجيبه بكل شغف وطموح وبدون أي تردد: سأكون في ا‍لمستقبل “صحفية “، مع أنني لم أكن عل‎ دراية معمقة عن معنى مهنة الصحافة،  سوى أنها تلك المذيعة التي أراها تقدم نشرات الأخبار أوالبرامج في التلفزيون أو أسمعها عبر المذياع وأقلدها في جميع قراءتي للنصوص العربية التي أختمها بالقول “نهاية النشرة، شكرا على طيب المتابعة وإلى اللقاء”.
وعند التحاقي بالثانوية كان الحلم واضحا، حسمت اختياري مبكرا عكس العديد من زملائي الذين كانوا حائرين في التوجيه، كان همي الوحيد أن أحصل على شهادة الباكالوريا بميزة جيدة تمكنني من ولوج المعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط، وفي سنة 2017 حصلت على شهادة الباكالوريا بميزة جيدة مكنتني من ولوج المعهد؛ لن أنسى فرحتي ذلك اليوم حيث ذهبت مباشرة لموقع المعهد من أجل التسجيل فإذا بي أتفاجأ أن موعد التسجيل قد انتهى.
لا يمكنني وصف ما أحسست به في تلك اللحظة؛ شعرت بأني حلمي في أن أكون صحفية قد تبخر، أتذكر تلك الليلة جيدا، سيل جارف من الدموع وعتاب من أمي عن انشغالي فقط بالدراسة وإغفالي جانب المباريات في تلك الفترة.
لم أرغب قط في دراسة أي شيء غير الصحافة رغم محاولة كل من يحيط بي إقناعي بدراسة توجه آخر غير هذا الميدان مبررين أنه ميدان صعب تشوبه سمعة سيئة ولا يتناسب خاصة مع الجنس الأنثوي. لم أهتم لكل تلك المبررات فأنا بذلك أهدم مابينته طوال مشواري الدراسي وأنا على ثقة كاملة بأنني أملك من القوة والجرأة مايكفي لخوض حرب مهنة المتاعب. قررت الانتظار سنة كاملة لأتقدم في العام المقبل للمعهد العالي للإعلام والاتصال، وبينما كنت أتصفح الفيسبوك قرأت إعلانا لمباراة إجازة علوم الإعلام والتواصل بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس؛ ملأت استمارة التسجيل وبعد مدة قصيرة حتى وجدت اسمي ضمن لائحة الأسماء المقبولة لاجتياز المبارة. اجتزت بنجاح الاختبارين الكتابي والشفوي، وهكذا جاء بي القدر إلى مهنة المتاعب وانتصرت لحلمي، ولو جزئيا، في النهاية.

أنا من اخترت مهنة المتاعب عن سبق إصرار وترصد وأتحمل مسؤولية اختياري، اخترتها لأنضم بدوري إلى سيدات صاحبة الجلالة وكلي فخر وشموخ أن ينضم اسمي إلى جانبهم ويتلألأ في سماء الإعلام.

قد أشتغل في جريدة، وقد أجري مقابلة صحفية، وقد أشتغل في محطة إذاعية، وقد أسلم وجهي لخبير الماكياج والأزياء ليعدني من أجل إلقاء نشرة أو برنامج في التلفزيون، فجميع الأجناس الصحفية تستهويني وتجذبني إليها ولن أندم على اختياري ما حييت. صحيح أن المشهد الإعلامي بالمغرب يتخبط بتحديات وإكراهات عديدة جعلت من الصحافة مهنة من لا مهنة له، فكم نشاهد من متطفلين على هذا الميدان أصبحوا صحفيين بين ليلة وضحاها وهم لا يفقهون عن مهنة الصحافة شيئا سوى حمل الميكروفونات والبحث عن “البوز“. في المقابل، يسجن “صحفيون” أحرار بتهم لا منطق لها من قبيل الإجهاض والعلاقات الجنسية غير الشرعية والاتجار بالبشر؛ هؤلاء ذنبهم الوحيد أنهم نقلوا الحقيقة كما يجب، هذا ناهيك عن التهديد والاستغلال الذي قد تتعرض إليه في هذه المهنة، فكم من صحفيات تعرضن ويتعرضن للتحرش والاستغلال الجنسي داخل مؤسسات اشتغالهن، ما يجعل مثل هاته التصرفات تكون مصدر إحباط لكل من يروادها حلم الإعلام وتتراجع عنه.

عزيزتي، انتصري لحلمك ولا تبالي بكل مايتخبط به واقع الإعلام ببلدنا، فكونك أنثى ليس ذنبا كما أن الصحافة ليست جريمة، فلا تيأسي ولا تعتقدي أبدا أن الوقت قد انقضى وأحلامك لن تتحقق، فقد يجمع الله الشتيتين بعدما يظنان كل الظن أن اللقاء مستحيل، مارسي سلطتك عزيزتي وكوني أنت التغيير الذي نطمح إليه واخلعي عنك ثوب الخوف لأنه لا يليق بك.

شيماء البورقادي

شيماء البورقادي صحفية وطالبة علوم الإعلام والتواصل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *