“أوطم” تاريخ من النضال وذاكرة تصارع النسيان 4

الورقة الرابعة: مرحلة الصراع والمواجهة 1966/1973

لقراءة المقدمة والأوراق السابقة:

التوطئة

الورقة الأولى: ملامح النضال الطلابي خلال الاستعمار

الورقة الثانية: التأسيس

الورقة الثالثة: الانشقاق والولادة الجديدة


ازدادت حدة التوتر والصراع بين أوطم والمؤسسة الملكية في هاته الفترة وكما تطرقنا في الورقة الثالثة بعد رفع هاته الأخيرة لشعار الأرض للفلاح في مؤتمرها العاشر ورفعها شعار حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، إلا أن أبرز ما ميز هاته المرحلة التنديد بما أسموه الاغتيالات السياسية.

وسط ظروف قاسية وجو يسوده الاستنفار والاعتقالات السياسية، انعقد المؤتمر الحادي عشر بالرباط أواخر يوليوز 1966 تحت شعار العمل من أجل رفع الحظر عن الجامعة واحترام الحريات النقابيةـ هذا الأخير الذي انتخب فتح الله ولعلو رئيسا له حيث طالب المؤتمر برفع الحظر عن الجامعة، واحترام الحريات النقابية والسياسية وندد المؤتمر باختطاف واغتيال الشهيد المهدي بنبركة يوم 29 أكتوبر1965، فضلا عن استدعاء بعض قادة أوطم إلى الخدمة العسكرية إلا أن السلطات تراجعت عن قرارها فيما بعد.

سنة 1968 انعقد المؤتمر الثاني عشر الذي انتخب عبد اللطيف المنوني رئيسا له بالرباط في يوليوز وكان من بين أهم انشغالات المؤتمر هزيمة العرب أمام قوات الاحتلال الصهيونية سنة 1967 أو ما تعرف بنكسة حزيران فضلا عن تأسيس لجنة خاصة بفلسطين لأول مرة، ثم مساندة انتفاضة 68 الفرنسية؛ في هاته المرحلة بدأت النواة الأساسية للماركسية المغربية في التشكل من رحم أوطم.

اقترحت الحركة الطلابية خلال هاته المرحلة نموذجا تدعوا من خلاله لتجاوز الأزمة حيث طالبت برفع حالة الاستثناء، فرض احترام الحريات الديمقراطية، تحرير المعتقلين السياسيين وتصفية الأحكام الصادرة في حق المناضلين التقدميين. ثم إقامة حكومة وطنية، كما دعت إلى ضرورة تعريب كافة المرافق العمومية.
انعقد المؤتمر الثالث عشر سنة 1969 انتخب محمد الخصاصي رئيسا له حيث ثم حددت فيه المبادئ الأربعة لأوطم التقدمية، الديمقراطية، الجماهيرية والاستقلالية، كما اعتبر قضية فلسطين قضية وطنية تجاوزت الطرح الدني الداعي لجعلها قضية إسلامية وجعلوها ذات عمق طبقي تحرري مرتبط بنضالات الكادحين وبمشروعهم التحرري المحلي وفي المنطقة وعلى المستوى الأممي ككل.

في 1970 سجلت المنظمة تراجعا ملحوظا لخطها الكفاحي ومواقفها اتجاه مجموعة من القضايا الحاسمة إلا أنه عرف ممانعة من التيار الماركسي التيار الجبهوي الطلابي، هاته الممانعة تمخض عنها بروز جبهة موحدة. في المقابل، عرف اليسار على المستوى العالمي صرع بين التيار الكلاسيكي أو الراديكالي وتيار يساري إصلاحي جديد بمنطق التفاوض والمهادنة، ويسار ولد بعد إستقلال الحركة الشيوعية الثورية عن التوجه السوفياتي واعتبراه قطب تحريفي انزاح عن الخط والأهداف الاشتراكية، كل هذا عجل بظهور تيار يقوده ما تسي تونغ زعيم الثورة الصينية أو ما يعرف باليسار الماوي؛ هذا الأخير الذي انتشر بسرعة ووجد تربة خصبة، إلا أن المنظمة الماركسية المغربية من داخل أوطم استمرت في تأطير الجماهير الطلابية ومحاولتها الرفع من نسبة الوعي وبناء خط ديمقراطي جذري ماركسي لينيني مما سيمكنهم من فرض السيطرة في المؤتمر الرابع عشر المنعقد سنة 1970 والتأثير على تواجد الطلبة الاتحاديين واكتساح مكاتب التعاضديات.

سترفع القيادة الجديدة شعار لكل معركة جماهيرية صداها في الجامعة من خلال المؤتمر الخامس عشر المنعقد في 1972 بالرباط والذي انتخب عبد العزيز المنبهي رئيسا له ونادى المؤتمر بالنضال من أجل تعليم شعبي، عربي ديمقراطي، علماني وموحد. عرفت هاته المرحلة كذلك انسحاب الطلبة الاتحاديين من قيادة المنظمة تزامنا مع أحداث 16 غشت 1972 “محاولة انقلاب أوفقير”، كما جددت أوطم بقيادة الجبهويين موقفها من النظام مجددا وبلغة نارية عبر بيان صادر عن مؤتمرها الأخير.

يتبع …

أسامة باجي

أسامة باجي صحفي مهتم بالشأن السياسي والثقافي باحث في الإعلام والتواصل مدون وكاتب رأي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *