الجانب المشرق لكورونا

شكرا كورونا

القليل من الصبر قد  يجعلنا نصنع ألف طريق للنجاة، سننجو من هذه الجائحة، سننال نصرنا عن قريب إن شاء الله…
أزمة كورونا رغم أضرارها الوخيمة، نتوءاتها الفتاكة وضغطها على ميزانية الدولة، إلا أنها زرعت فينا روح المواطنة وزرعت فينا الثقة بأن حكومتنا لن تتوانى عن مساندتنا وحمايتنا، فنشكر الله على نعمة المملكة وما تقدمه لشعبها من إهتمام واضح خاصة بعدما تناقلت وسائل الإعلام ومنصات التواصل الإجتماعي ما يحدث للدول المتقدمة التي تتغنى دوما بحقوق الإنسان والتي شعارها حماية حقوقه لكنها أبانت شعور الهلع والخوف بعدما أصدرت شعوبها هتافات بتوديع أحبائهم الذين سرق الفيروس أرواحهم مما جعلها تنهار في خضم هذه الظروف، ولكن يقابله في مشهد آخرالطمأنينة المتمثلة في خطابات رئيس الحكومة والسيد الوزير خالد أيت طالب والدكتور محمد اليوبي الذين يبعثون الراحة ويشعرونا بالأمان والطمأنينة رغم صعوبة الأوضاع الحالية.
شكرا كبيرة نرفعها لك أيها الفيروس الصغير، نشكرك رغم قبحك المقزز ونتوءاتك النافرة و جرائمك الفظيعة التي تقوم بها أينما حللت وارتحلت لتعيش حياتك في قدارة الالتهاب التي خلفته منذ بداية فبراير، إلا أنك غيرت الكثير وأضحت بصمتك تظهر في كل زمان ومكان.
شكرا كورونا، فنتائجك ارتسمت على حياتنا وظهرت على بلادي والتمست في البشرية جمعاء التي لم تبخل في العطاء وأبانت عن روح المواطنة العالية وعن الوعي والتحضر، وأعادت للأمة مشاعر التكافل الإجتماعي و تبادل المساعدة. رأينا هذه الروح تلامس قلوب الجميع،كبيرا وصغيرا، قويا وضعيفا، غنيا و فقيرا، سواء من خلال توفير الإحتياجات أوتوزيع المسؤوليات، حيث بادر الكثيرون في تقديم يد المساعدة إما عن خفض إيجاراتهم مراعاة لظروف من تقطعت بهم السبل و خسروا أعمالهم ووظائفهم وإما عن طريق تقديم ما تجود به أيديهم إلى صناديق الدولة  أوإلى المحتاجين مباشرة.

شكرا كورونا، لأنك جعلت “الطوندونس” المغربي يظهر الوجوه الخفية التي تعمل ليل نهار والتي جعلها الروتين اليومي منسية و مختبئة وراء التفاهة، كنا شاهدنا قبل الجائحة إجتياح فيديوهات التفاهة لمنصات التواصل الاجتماعي وإختراقها لمعظم البيوت وإنغرازها في عقول جل الفئات، شكرا لأنك كشفت ما كان مستورا وجعلت المتلقي يلجأ لقنواته التلفزية بحثا عن المصداقية في الخبر التي فقدها الحس الإعلامي في عهد سابق فرأينا المنابر الاعلامية  تتنافس فيما بينها بحثا عن جودة الخبر.
شكرا كورونا، لأنك علمتنا أن يدا واحدة لا تصفق وعلمتنا أن الشعب ترسانة حرب لمواجهتك، شكرا لأنك فتحت أعيننا على ضعف العالم بأسره،على ضعف الغني، وضعف القوي وجعلتنا نوقن بأن الصحة لا يعوضها ما سبق ذكره، شكرا لأنك قمت بخلق روح المسؤولية لدى الجميع صغارا وكبارا ،فجعلت البشرية تحت الحجر الصحي وقننت حريتها بورقة بيضاء رغم أنها من أصعب الحلول تطبيقا، إلا أن الشعب أبان عن تحضره ووعيه بخطورة الوضع ولم تكتف بهذا فقط بل شنت حملات مادية ومعنوية لدعم جهود الدولة وجهود الجنود المخفيين ممن يواجهون هذا الفيروس وتداعياته في مختلف المجالات.

شكرا كرونا، لأنك جعلت الدول القوية تقف جامدة أمام هذا الكائن الذي ينتشر بسرعة رغم مصانعهم الحربية وترسانة الأسلحة التي تملكها كل هذه الدول أوبعضها، شكرا لأنك وضحت صورة لتهافت الدول على التسلح وفي المقابل اهمالهم في ميزانيات الصحة والتعليم والبحث العالي والتعليم العالي، يرهنون أنفسهم فقط لتحقيق اكتفاءاتهم الصحية والغذائية مع العلم أنهم أصحاب الثروات الباطنية والطبيعية.

شكرا كورونا لأنك أجبرت الإنسان المعاصرعن التوقف عن التسلط، أجبرته أن يأخذ استراحة تفيده في إعادة التفكير وإعادة الحسابات في ظل أجواء من صفاء النفس وسكينتها بعيدا عن مطرقة الحياة اليومية، شكرا لأنك أعطيتنا فرصة لإعادة تقييم سلوكاتنا الإستهلاكية التي إنجرفنا في تياراتها الخبيثة من دون أن ندرك، و اليوم نراجع أنفسنا ونحاسبها كم كنا نبخل عن المعرفة والعلم ونزحف وراء كل ما هو تافه، علمتنا أننا كنا نستطيع توفير أموالنا و جهودنا ووقتنا لتعزيز القوى العلمية.

شكرا كرونا،لأنك أعطيت للجيل الجديد فرصة للتعرف على الروح المواطنة، روح التضامن والعطاء.أعطيت فرصة لأصحاب الكفاءات فرصة لترجمة قدراتهم على أرض الواقع فما كان عطاؤهم إلا منفعة للمجتمع، شكرا لأنك أعطيت فرصة للتعرف على المعدن الحقيقي للمواطن المغربي، هذا المعدن الذي رأى جيله وطنه بعدما صقله الغزو الفرنسي، لتأتي هذه الجائحة لتعترف أمام العالم ما يفعل المغربي في ظل الأزمات وأولهم العاملين في مواجهة هذا الفيروس في الصفوف الأمامية من طواقم طبية، تمريضية، أمنية، إدارية، تطوعية وكذا عمال النظافة… و جعلت شعبها فخور ببلده كالعادة، يسعد بانجازاته قي غضون هذه الأوضاع المزرية حيت عملت حكومته واجتهدت وأقرت على توفير ما يحتاج شعبها، فقد سجلت تفوقا عالميا وكانت من أوائل الدول لغلق حدودها وغامرت باقتصادها وعملت على وضع إجراءات لمواجهة كورونا صحيا وأمنيا وغذائيا،وكذا إعلاميا وتعليميا.

بصفتي طالبة تمريض، متفهمة للوضعية الراهنة والقديمة لميدان الصحة المتمثلة في حالة المستشفيات وما يلزمها من توفير للوسائل العلاجية، جعل الأطباء والممرضين وجل الطاقم الصحي يتأهب للتصدي لهذا الوباء بكل مشروعية وقوة رغم هذا النقص المهول، ما يتوجب علينا كمواطنين إلا أن نرفع تحية عالية لهؤلاء الأبطال الذين تخلوا عن الدفئ العائلي من أجل خدمة الغير، وغادروا منازلهم وعائلاتهم وركبوا ترسانة الحرب لمواجهة العدو فما كان العدو إلا ضعيفا أمام قواهم.

أتمنى فعلا بعد زوال هذه الأزمة بإذن الله تعالى أن يتم التراجع عن بعض القرارات السياسية والاقتصادية وتحسين قطاع الصحة والتعليم والبحث العلمي بعدما جعلتها آخر أولوياتها بحسابات مادية لا تغطي عن النقص الحاد الذي يعانون منه…
و في الاخير،أختم مقالي بقولي ” قيادتنا الرشيدة سبيل للنجاة من هذه الازمة “.

شيماء الزاوي

كاتبة و طالبة بالسنة الثانية بالمعهد العالي للتمريض وتقنيات الصحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *