“النوم” القوة الخارقة التي يغفل عنها الإنسان

أهمية النوم وتأثيره على وظائف عديدة في الجسم

يمضي الإنسان ثلت يومه في النوم بمعدل 7 أو 8 ساعات في اليوم خلالها تحدث تغيرات فيسيولوجية وكميائية معقدة للغاية. قد يستهين الواحد منا بهذه العملية التي قد تنعكس على صحته ومردوديته في النهار، لكن يبقى السؤال مطروحا ما فائدة النوم؟ وماهي العواقب الجسدية عند الحرمان منه؟ كلها أسئلة دارت في عقول العلماء خاصة في بداية القرن العشرين. بالفعل هناك نظريات علمية مفسرة للنوم لكن ليومنا هذا لم نصل بعد إلى التفسير الاوضح لوظيفة النوم في حياتنا اليومية.

فنظرية Neuroplasticity  أو-المرونة العصبية –، التي تقول أن المخ في حاجة لإعادة ترتيب نفسه وإعادة ترتيب المعلومات التي يستمدها طيلة اليوم، وإذا ربطنا هذا بما قاله Mattew Walker في كتابه Why we sleep سنلاحظ أن تلك النظرية شبيهة نوعا ما بالتعرف على الذات. إذن فإن النوم لن يساعدك فقط على تذكر الأشياء المهمة ولكن له دور آخر في جعلك تنسى الأشياء العديمة الأهمية، ولكي أؤكد لك أن النوم ضروري جدا أكثر مما كنت تتصور فان الأمر مثبت علميا على أن الأشخاص الذين لديهم معدلات نوم منخضة وبنسب أقل يكونون أقل تحصيلا في عملية التعلم وتنمية الوعي مقارنة بغيرهم الذين لهم معدلات نوم مرتفعة.

في تجربة أجريت على مجموعة من التلاميذ تم تقسيمهم إلى قسمين؛ قسم يذاكر أقل ثم يأخد قسطا كافيا من النوم (8 إلى 9 ساعات) وقسم يذاكر أكثر و ينام بمعدل 5 إلى 6 ساعات، فأثبتت التجربة أن معدل التركيز والوعي لدى القسم الأول أكثر من الثاني والشيء واضح من خلال تحصيلهم ومعدلاتهم فقط!…لكن لماذا؟
ففي حالة حرمان الدماغ من Memory consolidation أو ما يدعى بتوحيد الذاكرة، يعني تحويل الذاكرة من قصيرة المدى إلى طويلة المدى في عملية النوم، يصبح معدل التعلم والتركيز والوعي منخفضين جدا وبالتالي هناك احتمالية عدم تذكر الأشياء المهمة جدا.

الآثار السلبية لنقص النوم:
يواجه بعض الأشخاص صعوبةً في النوم، فيظلون مستيقظين وهم على أفرشتهم لفتراتٍ طويلة تصل أحيانا إلى 4 ساعات، وهذا بكل تأكيد له العديد من الآثار السلبية؛ منها ارتفاع معدل القلق والتوتر والاضطراب النفسي  نتيجة مرورالوقت دون القدرة على النوم، إضافة لعدم القدرة على الاستيقاظ بسهولة صباحاً، والشعور بالتعب والنعاس طيلة اليوم.
ومن بين الأجهزة التي تتضرر من قلة النوم هو الجهاز التناسلي Reprodactive system، حسب ما قال Mattew walker في كتابه فإن الرجال الذين ينامون من 5 إلى 6 ساعات  يكون هرمون التيستيرون (هرمون الذكورة) لديهم بنفس نسبة شخص يفوقهم بعشر سنوات، أي منخفض. إنه  لشيء مخيف حقا! بالإضافة إلى ذلك فقلة النوم تؤثرعلى هرمون الأنوثة ايضا.
وأثبتت الأبحاث الحديثة أن السهر ونقص النوم قد ينتج عنهما ضعف في الجهاز المناعي ويؤثر على قدرة الخلايا المناعية على التعامل مع الأجسام الغريبة والميكروبات. ويعتقد المختصون أن نقص النوم يزيد من احتمالات الإصابة بنزلات البرد، حيث أثبتت دراسة علمية نشرت في مجلة أرشيفات الطب الباطني (يناير 2009) والتي من خلالها   درس الباحثون عدد ساعات النوم لِ 153 متطوعًا لمدة أسبوعين متتاليين، بعد ذلك تم عزل المتطوعين في غرف خاصة وتم تعريضهم لفيروس الزكام (Rhinovirus) عن طريق وضع نقط في أنف كل واحد منهم. وخلال الخمس أيام الموالية لاحظ الباحثون ظهور أعراض الزكام عند المتطوعين وكذلك  تم قياس عدد الأجسام المضادة للفيروس في الدم وزراعة إفرازات الأنف.

فكانت النتائج مثيرة للدهشة؛ حيث وجد الباحثون أن النوم لساعات أقل يزيد احتمال الإصابة بالزكام وأظهرت النتائج أن الإصابة بالزكام كانت أعلى بثلاث مرات لدى الأشخاص الذين ناموا أقل من سبع ساعات مقارنة بالأشخاص الذين ناموا ثماني ساعات أو أكثر.
شيء رهيب حقا كيف للنوم أن يتدخل في كل هذه الأمور الصحية -هذا كله حسب منظمة الصحة العالمية والعلماء؟

كيف أنام؟
من بين أكبر المشاكل التي تجعل الإنسان لا ينام هي الضوء، فلم يعد الفرق بين النهار والليل، وأكبر مسبب لهذا المشكل هي المصابيح المتطورة التي رغم كل آثارها الإيجابية -والشكر الجزيل هنا لThomas edison مخترع المصباح- فإن الضوء يتسبب في عرقلة عملية النوم.
وهنا، نصيحتي لك هي  كالتالي : قبل خلودك للنوم قم بإبعاد كل شيء فيه ضوء أزرق (هاتف -تلفاز- حاسوب …) لكي تمد عينيك بشيء من الراحة.

ومن بين الإرشادات العامة لمنظمة الصحة العالمية أقدم لك الآتي:
-الالتزام بوقت محدد وثابت للنوم والاستيقاظ.
-خلق بيئة نوم مريحة وباردة ومظلمة وهادئة.
-تجنب تناول الكافيين خاصة بعد الظهر وفترة المساء وتجنب تناول المأكولات الدسمة قبل النوم.
-ممارسة الرياضة بشكل منتظم في وقت مبكر من اليوم.
-تجنب الذهاب إلى السرير عند عدم الشعور بالنعاس.
-عند عدم القدرة على النوم خلال 20 دقيقة، يجب ترك الفراش والقيام بنشاط خفيف.
-تجنب أخذ قيلولة بعد الساعة 3 مساء وتجنب أداء المهام والواجبات الدراسية في نهاية اليوم.
-الحد من المحفزات وقت النوم (كمشاهدة التلفاز، واستخدام الحاسوب، والألعاب الالكترونية).

وينصح بكتابة قائمة المهام قبل الخلود إلى النوم للتقليل من التفكير فيها أثناء النوم والحرص على ممارسة أنشطة خفيفة وهادئة.

يونس محتيج

يعجبني قرآة الكتب ،يعجبني ان اكتب مقالات ،يعجبني ان ابحث ، اريد ان افهم و أفهم ...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *