تجربتي مع وسائل التواصل الاجتماعي

كيف تبدو الحياة دون وسائل تواصل تكنولوجية؟

منذ أن وضعت قدمي لأول مرة في هذه الحياة فتحت عينايَ على عالم الرقمنة، ذاك العالم المليء بالآلات والأرقام والأزرار إذ يكفي أن تكبس على الزر المراد لتصل لهدفك ومبتغاك في أقل وقت وبأقل جهد ممكنيْن.

منذ ذلك الحين، لم أدرك يوما أن الإنسان استطاع العيش لأكثر من ألف سنة دون الاستعانة بهذه الآلات، حتى مخيلتي لم تستطع رسم صورة مقربة لتلك الحياة نظراً لانعدام أي تراكمات أو معلومات حولها. منذ ذلك، عشتُ طفولة وحياة بعيدة عن الفضول ومكتفية بتقبّل ما حولها، لكن سرعان ما انقلبت الآية فور تأثير هذا العالم على حياتي الخاصة بما فيها أفكاري أحلامي وأهدافي؛ فقد كنت فتاة منغلقة منطوية على عالمها الصغير، لا تسمح لأي كان بلمس أشيائها الخاصة أو بالأحرى أسباب تواجدها على أرض الواقع، إلا أن التكنولوجيا لم تحترم هذه الخصوصية وحاولت العبث بقناعاتي ومبادئي. فالبرغم من استعمالي لها لأكثر من تسعة أعوام، أدركتُ متؤخرة أنها عملت على تشييئي أكثر من تطويري وساهمت في غبائي أكثر من تثقيفي، خاصة وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت الآن سبب خراب المجتمعات و انتشار الصراعات.

بلا شك، قد لاحظ الكثيرون في الآونة الأخيرة غزو هذه الوسائل لحياتنا واستعمارها لمعتقداتنا محاولة تشويش انتباهنا وصرفه نحو عالم خيالي تافه مفتقر للوعي والثقافة وأساليب العيش الكريم، إذ يصوّرونه على أنه الأمثل والأسهل لنيل سعادة أبدية مستحيلة.

لا أنكر أنني انخدَعت بهذه الصورة في بادئ الأمر، لكن الحمد لله الذي أنار تفكيري وسمح لي باكتشاف الخدعة والكذبة التي تسقط حياة الكثيرين في الهاوية بسبب عدم إدراكهم الصراعات و المأساة التي يخوضونها دون نتيجة فلطالما شبهت تأثير وسائل التواصل الاجتماعي بتنويم مغناطيسي شبه أبدي قليلون هم من أفلحوا في الإنفلات من قبضته..

بعد كل هذه المعاناة استيقظ أخيرا فضولي الذي دفعني للبحث عن حياة أخرى هادئة وخالية من التكنولوجيات اللعينة، ربما قد استصعبَ عليّ الأمر لكن بعد محاولات عديدة تمكنتُ من التخلص من كل آلة أو موقع من شأنه تخريب سعادتي وتأقلمت مع حياة تقليدية لم أعرف عنها من قبل سوى بضع كلمات الْتَقطتُها من شفاه أجدادي، فحتى مخيلتي أبت سالفا أن ترسم معالمها.

لا أعلم كيف سأصف شعوري الآن لكن سأكتفي بقولي أن هذا العالم التقليدي منحني روحا جديدة وأملا مختلفا حيث وجدت السعادة والتجارب اللازمة لأعيش راضية عن حياتي وتواجدي.

لنترك عالم الآلات والتشييء ولنستعدّ، لنقف من جديد في عالم الوعي، الإبداع، المثابرة، النجاح، السعادة والرضى.

وئــام حمادي

تجربتي مع وسائل التواصل الاجتماعي

تقرؤون أيضاً

وئام حمادي

طالبة هندسة ومدونة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *