جرب بنفسك

أؤمن كثيرا أنه ليس هناك أهم من التجارب الشخصية لاكتساب الخبرة الحياتية على جميع الأصعدة والنواحي، سواء العملية والعلمية أو الاجتماعية والشخصية. فلا يمكن لشخص أن يحقق نجاحا ما في مجال ما دون أن يخوض غمار التجربة بنفسه، فلا يكفي الاعتماد فقط على تجارب من سبقونا لتحقيق النجاح ..
فعندما نخوض غمار التجربة متوكلين على خالقنا ومعتمدين على أنفسنا نكون حينها قد حزمنا أمتعتنا متأهبين نحو اكتساب الخبرة، فكما يقول جلال الدين الرومي “عندما تقرر أن تبدأ الرحلة سوف تظهر الطريق”. فلا يهم حينها إن كانت التجربة فاشلة أم ناجحة، فمُجَرد خوضنا لغمارها والمحاربة من أجل تحقيق أهدافنا يكون كافيا لنيل شرف المحاولة، لأنها ستجعلنا في جميع الأحوال نتعلم، مضيفة لنا مهارات وأفكارا جديدة. ولا يخفى علينا جميعا أن أبرز الناجحين على مستوى العالم مروا بتجارب فاشلة لا تعد ولا تحصى إلى أن وجدوا طريقهم للنجاح، فالفشل في أمر ما لا يُعَد فشلا في حد ذاته، بل التوقف عن المحاولة هو الفشل في أكبر تجلياته. وغالبا ما تجعلنا الأزمات نكتشف ذواتنا فكلما مررنا بضيق نكتشف جانبا مضيئا فينا يجعلنا نعي أنه باستطاعتنا عبور كل ما يبدو صعبا أو حتى مستحيلا، مع كل نكسة أو أزمة أو فشل نصبح أكثر تماسكا، كما لو أنه يمر بنا ليُهيِّئَنا لعالم مشرق ينتظرنا ويمدنا بكل ما نحتاجه من أدوات لعبور ما تبقى من الطريق .. أُوقِن أن كل ما يحدث معنا ونحن في رحلتنا الحياتية إنما لسبب ما ! وخلفه حقيقة ما! عندما نكتشفها نفهم المغزى الحقيقي من الدرس الذي كان لزاما علينا أن نتعلمه. كل هذا يجعلنا نتغير ونصبح أكثر نضجا وتعقلا، نصبح قادرين على استيعاب ما يدور حولنا، بل وتحمل أشياء لم نكن لنتعلمها ولا لنتحملها يوما؛ فلولا الأوقات العصيبة التي نمر بها لما عرفنا الطريق الذي علينا أن نسلكه و لولا اختياراتنا الخاطئة لما أصبح بإمكاننا أن نختار ما هو أصلح لنا .. فخوضنا للتجارب فقط هو ما يجعلنا نعرف ماهية ذواتنا وأغوار شخصياتنا، مميزاتنا ونواقصنا، فلا يمكن لأي شخص أن يمدنا بكل ما نجنيه من التجارب سواء معلومات أو دروس أو مواقف مهما قدم لنا من النصح وأغدق علينا من كلام حول خبراته وتجاربه. فلكلٍّ منا حياته، لكل منا طريقه وأهدافه، أحلامه وتطلعاته، والواقع اليوم يحتم علينا أن نكون أسياد قراراتنا وأرباب تجاربنا !

هدى البصري

تكويني الاكاديمي علمي لكن اهتماماتي ادبية القراءة شغفي و الكتابة نبضي .اهوى الادب بكل فروعه و اعشق الموسيقى و ارى الجمال في التفاصيل البسيطة من حولي و اجد في العزلة متسعا للتعرف على مكنوناتي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *