رحلة البحث عن النفس

رحلة مع خريج حديث

الساعة تشير إلى السابعة صباحا، تحت رنين هاتفه المألوف يستيقظ بكل خمول وهو يعيد النظر، هل هناك ما يستيقظ لأجله أصلا أم أن الأيام تعيد نفسها…؟

تسلل من فراشه، تناول فطوره واتجه كالعادة في رحلته للبحث عن عمل؛ فبعد معاناته مع الدراسة والمرض وظروفه العائلية، مرت تلك الفترة صعبة جدا، وها هو اليوم حصل على شهادته ولكن لم يكن بالسهل تحقيق تلك الأماني المعلقة داخل قلبه، تلك الأماني التي لطالما راودته في فترة الدراسة كان ينتظر تلك الشهادة بفارغ الصبر، كانت دراسته هي الحل الوحيد لكل معاناته، كان ينتظر أن يتخرج ويحصل على عمل يكفله هو وعائلته البسيطه، لكن المسكين بعد تخرجه وجد نفسه تائها..

لا شيء من تلك الأحلام موجود على أرض الواقع، عليه أن يتقبل هذا الواقع أو يستسلم لظروفه لكنه كان أقوى من ظروفه. كان بداخله صوت صغير يخاطبه أحيانا بأن الأمور ستكون لصالحه يوما ما، واليوم كالعادة لا أحد يجيب على طلبه الكل يجبه بأحد الأعذار المألوفة وبتلك النظرة المثيرة للشفقة، ويعود لبيته بذلك الشعور المرير، وكالعادة ينام إلى الغد.

أصبحت أيامه متشابهة، لا فرح ولا حزن، لا انهزام ولا انتصار.. أصعب شعور أن تضيع منك كل أحلامك وأنت لا حيلة لك غير يقينك بأن الله سيفتح لك باب أحلامك يوما ما. دخل في قوقعة الاكتئاب، يجلس بغرفته لوقت متأخر هو وكتبه ومذكرته تارة يقرأ ليضيء جانبه المظلم وتارة يكتب، فالورقة هي من تصغي لقلمه دون أن تقاطعه.

مرت شهور على هذا الحال ليجد نفسه أصبح إنسانا آخر ذا طباع مختلفة، لن يهزه أي شعور، يكتفي برسم ابتسامة خفيفة على وجهه لا يكترث لأي شيء أو بالأحرى لأي أحد، لا يهتم بتفاصيلهم بل أصبح مهتما بنفسه، بحياته وبشغفه للأشياء التي يحبها.. أصبح يعرف ما يريد أو ما هي قيمة نفسه، أعطى لنفسه فرصة للقيام بما يريد، ليستجيب لشعوره ولذلك الصوت الذي بداخله والذي لطالما راوده بفعل ما يحب وليس ما يحبون، بما يحلم وليس بما يحلمون، بما يناسبه هو… وعندما أصبح على أتم الاستعداد تحقق له كل شيء طالما كان يحلم به فقط، لأن الأمور تأتي في وقتها المحدد فقط، وها هو اليوم يشق طريقه بنفسه ويخوض أطول رحلة وهي رحلة تعرفه على نفسه لكي يكون أكثر مما أراد أن يكون…

رحلة البحث عن النفس

أمال رزقي

إجازة بيو طبية، كاتبة خواطر والقصص القصيرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *