رُغماً عن أنف المتسلِّطين على الجارة

انتصارات الديبلوماسية المغربية

في السابع من يناير الجاري، قررت دولة غامبيا فتح قنصلية عامة لها في شبه جزيرة الداخلة، جوهرة الصحراء المغربية؛ قرارٌ حكيم شكل رسالة قوية من دولة غامبيا، مغزاها الاعتراف بمغربية الأقاليم الجنوبية للمملكة ودعما لا مشروطا لوحدتها الترابية. أبرزت هذه الخطوة أيضا نجاعة الديبلوماسية المغربية المنتهَجة منذ عودتنا إلى بيتنا المؤسساتي الأفريقي في 2017.

لِنَدَع رمزية القرار جانبا ولنتجه إلى حال الطرف الآخر من الأزمة المفتعلة وردة فعله إزاءه، حيث خرجت خارجية الجزائر في بيان عسكري بلغة ديبلوماسية حادة نعتت فيه قرار دولة غامبيا بأحقر النعوت، واصفة إياه بالخطوة الاستفزازية؛ ردود الفعل الدنيئة هذه لا تعكس إلا إخفاق تجربة الديموقراطية بهذا البلد، وأن نعت الديبلوماسية الجزائرية بديبلوماسية عبد المجيد تبون تبجُّحٌ ليس إلا.

إنَّ الانتصارات المتوالية للديبلوماسية المغربية -خصوصا داخل القارة السمراء- والكامنة في خطوة غامبيا بالداخلة ثم إفريقيا الوسطى وساوتومي وبرانسيب بعدها وجزر القُمُر وساحل العاج قبلها بالعيون، وعزم دولة وازنة في مجلس الأمن كالسينغال التأسي بهم، زد على ذلك حذف المقررات الخاصة بقضية الصحراء المغريبة من تقرير مجلس السِّلم والأمن الأفريقي لسنة 2019، هي التي دفعت بالمتسلطين العسكريين على الجزائر إلى الضغط على الرئيس وحاشيته لإخراج بيانٍ مُناف للأعراف الديبلوماسية القائمة بين الجزائر وغامبيا وقبلها جزر القمر؛

ولحُسن حظ عبد المجيد تبون أن الأخيرتين تَعِيان أن ليس بيده حيلة، ففي حال لم يقتدِ بسلفه بوتفليقة ولم ينفذ الأوامر الموكلة إليه من وراء حجاب، فسَيَلقى اغتيالا – أو ربما أشنع من ذلك- كالذي تعرض له محمد بوضياف سنة 1993 إبان عُشرية الدم، عندما اشتَم فيه جنرالات يناير رائحة الإستعداد لتقديم تنازلات لصالح المغرب في ملف النزاع المفتعل.

لن تؤول المحاولات البئيسة لعصابة المُتَتَلمذين على يد الفارين من الجيش الفرنسي سوى إلى إهدارهم أموال شعبٍ تنخر أوساطَه البطالة والرشوة وفساد الإدارة، فالانتصارات المذكورة سلفا والمخططات التنموية التي أطلقتها السلطات المغربية بغية تأهيل الأقاليم الجنوبية للمملكة، تقف حاجزا منيعا أمام أي انتهاك لوحدتنا الترابية، هذه الوحدة التي تدفع كل مغربي حر إلى الإيمان إيمانا راسخا بأن الصحراء أزَلا وأبدا في مغربها، والمغرب أزَلاً وأبدا في صحرائه رغما عن أنف المتسلطين على الجارة!!

محمد حميدي

طالب و مدون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *