عظم المسؤولية

عن الأمومة الحقة و مسؤولية التربية في الإسلام

عفوا سيدتي الأم الكريمة، لا تعتقدي أن مسؤوليتك تنتهي عند الحمل والولادة وسهر الليالي أوعند فطام صغارك وذهابهم إلى المدرسة، إنتبهي أيتها الوالدة الحنون، رسالتك لم تكتمل بعد، ومشوارك في التربية والتوجيه قد تضخم وأصبح وضعه يتطلب منك نباهة وكياسة وحذرا في غاية الشدة والصرامة، –طبعا مع سياستك الرحيمة وحبك وودك اللذين تكتمل بهما التربية المثلى-.

اليوم أصبحت طفلتك مراهقة جميلة، ذكية ومثابرة في دراستها، مما يضفي على حياتها وحياتك فخرا وشرفا، لكن هذه الجمالية لا يزيدها روعة وفخرا فوق فخر، سوى توجيهك التربوي والديني لها. تذكري دائما أن ما ربتك عليه والدتك -رحمها الله- يعتبر تعليما دينيا وراية إسلامية سوف ترفعها من بعدك ابنتك إن شاء الله، خاصة وأنت تعيشين في بلاد الغرب، وسوف تكون هي بدورها نموذجا إسلاميا يصور جليا الأنثى المسلمة الأصيلة والتي تعد بمثابة سفيرة لبلدها الإسلامي.

أيتها الأم الفاضلة، اعلمي أن الجنة قريبة منك، لذا خذي بزمام أمورك وكوني قادرة على تأدية رسالتك بإيمان وأمانة، وأثبتي وجودك كأم مسلمة، ولا تكوني كتلك المرأة المتبرجة التي تلطخ سمعة الدين، وتشوه معنى العقيدة، فينظر إليها الغرب نظرة استغراب قائلا:”أهذا دينهم؟ أم أنثاهم تقلد أنثانا!؟
للأسف الشديد تقلد أغلب النسوة المسلمات النساء الغربيات الغير مسلمات في أمور رذيلة لا تمت للحضارة ولا للدين بصلة.

سيدتي الأم المحترمة، لا زالت مسيرتك التربوية متواصلة، أرجوك بل أتوسل إليك لا تجعلي من ابنتك سلعة مزخرفة تباع في سوق البشر، أزيحي غشاء الفساد والضلال عن عينيها واستريها بغطاء الحشمة والحياء، ضعي فوق رأسها الصغير تاج الأخلاق النبيلة واهمسي في أذنيها بكل عطف وحنان عن معنى دينها وعن أخلاقه، كوني لها ذلك الماء الصافي وهي الوردة العطشى وأنت من يطفئ ظمأها بمواعظك وعبرك التي نشأت عليها.

أيتها الأم الغالية، علقي فوق باب حجرة ابنتك لافتة واكتبي عليها: “ليست الحضارة بالتعري وإبراز المفاتن، بل إن دينك يخشى عليك من عيون وأياد تطولك فتدنس طهرك وشرفك. الحضارة يا بنيتي هي قوتك وقدرتك على التمسك بدينك، لأن عنصر القوة فينا هو تمسكنا بديننا الحنيف -الإسلام-، تلك هي الحضارة التي تخيب أمل الغرب فينا“. قولي لها ابنتي الحبيبة: “إن ستر الجسد عين التحضر ويقر القرآن بأن الإنسان كسي في الجنة ثم عري عقابا له على مخالفة أمر ربه {يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ يَا بَنِي آَدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآَتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} (الآية 26 من سورة الأعراف) صدق الله العظيم.

سوف تستوعب ابنتك أهم شيء وأنت تشرحين لها قائلة: إن الإنسان البدائي كان يعيش عاريا واجتهد في تغطية جسده بالجلود والريش أولا، قبل أن يهتدي إلى الغزل والنسيج، ثم كان الستر بشكل تدريجي بدءا بالعورة المغلظة، ليمتد لباقي الجسد، وكلنا يتذكر صور الإنسان البدائي في مقررات التاريخ وهو يستر عورته بجلود الحيوانات، لو كان التعري إذا تقدما ومدنية لكان الإنسان البدائي أكثر مدنية وتحضرا منا، بل ولكان إنسان أدغال إفريقيا الذي لا زال يعيش في الأكواخ داخل الغابات، وهو على نفس صورة الإنسان البدائي في قمة المدنية والتقدم و الرقي في عصرنا هذا! والأكثر من ذلك لو كان التعري وكشف العورات دليلا على التقدم لكانت معظم الحيوانات متقدمة على الإنسان بكثير! فجلها مكشوف الجسد والعورات، مع أن بعضها قد ستره الله بالريش أو الوبر، وجعل لبعضها الآخر ذيولا تستر عوراتها.

بهذا ستكونين أيتها الأم الواعظة، قد أحسنت إلى ابنتك الغالية على قلبك وكسبت فيها أجرا عظيما، ولا تنسي استمرارك في الدعاء لها بالصلاح ونهج سبيل الله الهادي والله المكمل المصلح بإذنه تعالى.

عظم المسؤولية

نادية حجاج

ربة بيت، مدونة مغربية قاطنة بالديار الإسبانية