كهويتي الزرقاء أنت “الجزء الثالث”

رسائل لاجئ

لقراءة الرسالتين السابقيتن:

الرسالة الأولى                       الرسالة الثانية


محبوبتي،
مساء معطرا برائحة ياسمين الشام وحدائق دمشق القديمة وورود حدائق بابل المعلقة…!

أما بعد،
اليوم مختلف تماما، هناك بعض التراكمات والمشِاكل، لكنني بخير ولله الحمد؛ سامحيني لأنني تأخرت عنك لكنك تعلمين جيدا أنني أبذل قصارى جهدي في مساعدة الصحافيين في شوارع المخيم الضيقة ومساراته الوحلة، ولكن .. لم أستطع أن أتوقف عن التفكير بك طوال اليوم… تحتلين كل تفكيري دون سابق إنذار أو رحمة!

النظام الأول: كيف يمكنني أن أتاقلم مع جو اللجوء هذا، جو مكفهر عابس قمطرير، لا مطالب موجودة هنا ولا حقوق أيضا، كيف لي أن أحصل عليك أيضا يا جميلتي …!
ها أنذا بين رصاصتين لا أعلم كيف أتعامل مع هذه البلاد الظالمة… سبعون عذرا اعتنقوا وكرسوا ولكن لا أحد يستطيع فعل أي شيء؛ وأنت، لاتكونيِ مثلهم أرجوك.. أنت أصبحت أملي الوحيد ووطني… وقدس وقران …!

النظام الثاني: في عام 1948 أصبحنا بين نكسة ونكبة، واحتلال ومجازر وجرائم عربية وصهـيونية مستعربة، وأجنبية فرنسية بريطانية.. تعلمت الدفاع دائما عن قضيتي لكي أحيا فلسطينيا شامخا.. قضيتي أنت وفلسطين أول مسؤولياتي.. طريق وحيد يمكنني أن أسير وأكمل طريقي به، هو السير معا من الشمال إلي الجنوب ومن الجنوب إلى الغرب، تهريبا وسيرا وبرا وبحرا، وزحفا حتى إن تطلب الأمر ذلك مني ومنك.. متاعبنا في اللجوء يا حبيبتي مثل السياج الفاصل بين الجولان وفلسطين المغتصبة، وبين جسر الأردنِ وفلسطين الأسيرة، ومثل حدود لبنان وفلسطين المحتلة..

عليك تجهـيز نفسك فأنت وأنا الآن في مهمة استشهـاد وحرية .. وما أعذب رنة هذا المصطلح…الحرية!!
علينا أن نسير معا جنبا لجنب كالرفاق والإخوة والأحبة والأهل.. عليك أن تكوني لي ككوفيتيِ وهويتي الزرقاء المجهولة.. كوني ليِ رفيقة درب وسأكون لك لاجئا صامدا..!

نلتقي في تمام الساعة السابعة مساء، في يوم الاثنين، انتظري المزيد من رسائلي القادمة…
وككل مرة ومثل كل رسالة، أعيد وأكرر، أحبك بجنون، بقلب لاجئ لا يريد إلا العودة

يتبع…

كهويتي الزرقاء أنت “الجزء الثالث”

منى حسام

مدونة فلسطينية