كيف سنواجه “اللاعقلانية” العربية 1

هل يجيد العرب تطويع اختلافهم؟

إن التغيير لا يعتمد على رفع الشعارات، تسويقها، تزويرها، محاولة كشفها للرأي العام، التباهي بها، اعتماد الانتقاء العشوائي للرفع منها ومن تأثيرها، فالتغيير إذ لم يكن مبنيا على العقل -وأقصد بالعقلِ العملَ وفق المبدأ- والمبدأ لا يخلو مساره من الأسلاك الشائكة، وتجاوز هذه العقبات، بواقعية، لا يجب أن يعتمد على التواكل والانتظار والنظرية.
إن الأجدر بالعقلانية هو التطبيق العملي للأفكار النيرة في آخر مرحلة تشكلها -أي بعد إزالة الشوائب أو المعيقات ذات البعد الأيديولوجي خاصة والتي يسميها هاشم صالح “اليقينيات الجماعية” – في قالب يسمح لها بالنمو وفقا للهدف الأسمى الذي يحركها، و الذي بدوره يجب أن يكون مرسوما بوضوح تام، حيث يسهم كل فاعل في تسهيل عملية التبسيط والتوضيح حتى لا يتم الوقوع غير الإرادي- والإرادي أحيانا- في التناقضات، فهذه الأخيرة من مسببات الأزمة، التي هي نتاج اللاعقلانية في الممارسات الجزئية.

و القول أن العالم العربي يتخبط في أزمات اجتماعية وسياسية وثقافية ودينية، ليس بخبر حديث العهد! إذ كان وراء هذه الملاحظة أعمال عديدة ومتعددة تهدف من خلال أشكال هي الأخرى مختلفة واختلاف هذه الأشكال النضالية الهادفة إلى التغيير هو – من وجهة نظري- ما يحول دون تحقيق أهدافها التغييرية.
فنحن نختلف في كل شيء، نختلف في نمط العيش، طرق الكلام، طرق استعمال وسائل النقل، طرق النجاح، المشي، التفكير، الانفعال، التصرف، الرؤية، النية… نحن نختلف في كل التفاصيل حتى إننا أصبحنا نغوص في ما هو سبب بسيط، يقود التعمق في إحالته على السؤال، إلى الابتعاد بشكل مهول على الجوهر، عوض تجاوز هذه المرحلة البدئية -والتي لا تشكل سوى فصل من فصول المخرج العقلاني- المؤدي إلى الخروج من مأزق يعنينا كافة كعرب و يعني الإنسانية برمتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *