لا إكراه في الدين

ما علاقتها بالحرية؟

ما هو أغلى شيء عندك ؟

هل فكرت قليلا قبل أن تجيب؟ نعم إنها هي، “الحرية”، ومن البديهي أن تكون هي.

وعندما نتحدث عن الحرية فإننا لا نربطها بالجسد أو التفكير والتعبير وإبداء الرأي فقط، وإنما نقصدها بكل أشكالها ونؤمن بها كرزمة شاملة ومشمولة، لأن مفهوم الحرية لا يتجزأ.

لذة الحياة في الاختيار وسيادة القرار، أن تكون أنت من تختار تفاصيل حياتك الصغيرة قبل الكبيرة وتترك للقدر مساحة بينهما.

أن تكون أنت من تقرر مصيرك بيديك وأن تكون ما تريده أن تكون؛ هذا هو منتهى اللذة، مبتدؤها وخبرها.

إنها الحرية التي نادى بها أرسطو، جون غراي، ألبير كامو، عبد الكريم الخطابي وسعد زغلول وغيرهم من أنصار الحرية أيا  كان مقصدها، هي ذاتها الحرية التي نادى بها الإسلام عندما نهى عن الإكراه في الدين بقوله تعالى في كتابه العزيز: {لَآ إِكْرَاهَ فِے اِ۬لدِّينِۖ قَد تَّبَيَّنَ اَ۬لرُّشْدُ مِنَ اَ۬لْغَيِّۖ فَمَنْ يَّكْفُرْ بِالطَّٰغُوتِ وَيُومِنۢ بِاللَّهِ فَقَدِ اِ۪سْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ اِ۬لْوُثْق۪يٰ لَا اَ۪نفِصَامَ لَهَاۖ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌۖ } (سورة البقرة- الآية 255).

إذ أنه لا معنى للعبادة إن كانت إجبارية، ستكون في نظري مفروغة من مضمونها ويغيب عنها الرضا والاقتناع بطقوس التعبد؛ فهل للارنباط بشخص لا يرغب فيك أية حلاوة؟ وهل لنجاحك في مهنة  بعيدة عن ميولاتك أي جدوى؟ وهل لمجالس لا تجد فيها سجيتك قيمة ؟ لاحلاوة ولا جدوى ولا قيمة ولا سعادة ولا هناء في ذلك .

صورة تعبيرية

سهل هو أمر الانصياع والمشي وراء القطيع وقول نعم، ولكم هو صعب قول لا في وجه أي قيود وطقوس قد تفرض علينا باسم الدين الذي هو في الأصل منها براء. إن الله عز وجل يخبر عباده بأنه وإن كان واضحا وجليا الحق من الباطل فإن ذلك لا يجيز إرغام أحد على اتباع طريق الحق.. نعم الرشد بين والغي بين، وإن يكن فلا إكراه في الدين .. إنها الرحمة الإلهية وقدسية العبادة.

كلما سمعت شخصا يقول أنا مكره على فعل أمر ما مع أنني لا أرغب في ذلك، حضرتني هذه الآية العظيمة وتساءلت: إذا كان الله ملك الملوك الذي أرسى الجبال وخلق الأنام وزين السماء وأنارها بالقمر ووضع معه الشمس بحسبان وخلقنا من نطفة ونفخ فينا من روحه لم يكره أحدا من خلقه على عبادته، فمن يكون البشر حتى نسمح لهم بتقييد مصائرنا وإلعاى وجودنا؟ من وجهة نظري المتواضعة لذة المعبود الواحد في عبادة عباده له تكون في الرضا وطيب الخاطر، وإذا ما قارنا بين من يختار دينه عن اقتناع وتبصر ومن يرثه أو يرغم عليه فإننا سنجد أن الفريق الأول هو الأكثر فهما والتزاما وإخلاصا بالدين، -وهنا أستحضر ما نلاحظه ونتفق عليه مع كل تجربة دخول للإسلام من طرف الأجانب سواء المشاهير أو بعض المعارف- وقس على ذلك كل جوانب الحياة الدنيوية.

الحرية هي طريق الريادة دينيا ودنيويا وحق لا تدع أحدا ينازعك فيه، ولكي يكون اختيارك صائبا -مادمت المسؤولية قرينة الحرية- زود نفسك بالمعلومات، ابحث هنا وهناك، دقق جيدا وحلل الوقائع وناقش الأمور بموضوعية واختر بعد ذلك ما يناسبك.. ثم تحمل مسؤولية اختيارك!!

لا إكراه في الدين، ولا إكراه في الزواج ولا إكراه في التعلم ولا إكراه في العلاقات لأن الإكراه على الشيء والإذعان لذلك يضعك موضع نفاق، والمنافقون في الدرك الأسفل من النار.

ختاما، تعجبني قولة الدكتور سلمان العودة: “أتدري ما أعظم أنواع الحرية؟ هو أن لا تسمح لأحد أن يقتحم دواخلك دون إرادتك، قد يهيمن على جسدك ولكن تظل الروح طليقة ويظل الفكر عصيا على التركيع لغير الله”.
لا تسمح بذلك أبدا، ولا تسمح للمظاهر بأن تخدعك، وغدا نرى ماذا يقول القرآن الكريم في هذا الموضوع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *