إبراهيم بن هلال السجلماسي “المبحث الرابع”

صِلاته بعلماء عصره

لقراءة المباحث السابقة:

اسمه ونسبه ومولـــده       شيوخه وتلامذته       مكانته العلمية وشهادات العلماء


كان لابن هلال صلات وثيقة وعلاقات طيبة ببعض علماء عصره، تؤكد مكانته الرفيعة بينهم، وحضوره الوازن في الساحة العلمية، ومن هؤلاء العلماء:

• ابن غازي محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن علي بن غازي العثماني المكناسي ثم الفاسي (841 هـ- 919 هـ)
شيخ الجماعة بفاس، العلامة البحر الحافظ الحجة المحقق الخطيب، تلقى عن شيوخ كثر ذكرهم في فهرسته “التعلل برسوم الإسناد بعد انتقال أهل المنزل والناد”. ويعد ابن غازي هذا من مشاهير أصدقاء ابن هلال في زمانه، ذكر ابن القاضي في الجذوة أنه “كانت بينه وبين الشيخ ابن هلال مصاحبة ومراسلة”.
ومن طريف ما حكاه صاحب ذرة الحجال عن هذين العالمين وعن صداقتهما أن ابن هلال بعث لابن غازي بأصناف الثمر لما سأله ابن غازي: إلى ماذا تتنوع بسجلماسة؟ فبعث بحمل فيه تمرتان من كل صنف، وكتب له مع ذلك “سألتني عن أصناف الثمر وها هي تصلكم” “وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها”.

• أبو عبد الله محمد بن عبد الكريم المغيلي التلمساني (ت 909 هـ)
كان إماما وعلامة في الفقه والتفسير والحديث والمنطق وغيرها من العلوم ذكره صاحب البستان بقوله “خاتمة المحققين الإمام العالم المحقق الفهامة القدوة الصلح السني الحبر، أحد أذكياء العالم وأفراد العلماء الذين أوتوا بسطة في العلم والتقدم والحسبة في الدين”. وذكره صاحب الدوحة بقوله “الشيخ الفقيه الصدر الأوحد أبو عبد الله بن عبد الكريم المغيلي، كان من أكابر العلماء وأفضل الأتقياء، وكان شديد الشكيمة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” محمد بن عبد الكريم بن محمد المغيلي التلمساني، خاتمة المحققين… متمكن المحبة في السنة وبعض أعداء الدين، تلقى تعليمه بحاضرة تلمسان، ثم هاجر إلى باقي الحواضر الأخرى وأخذ العلم بها، وممن أخذ عنهم من أعلام عصره الإمام عبد الرحمان الثعالبي المتوفى سنة 875 هـ والشيخ يحيى بن يدير وغيرهما”.

وإلى جانب صلاته بأقرانه من علماء عصره كان ابن هلال مطلعا على ما جرى ويجري في العالم الإسلامي منخرطا في قضاياه الفكرية والثقافية، إذ تسجل المصادر أنه كان واحد من العلماء الذين انبروا للرد على ما أنشده الزمخشري في كشافه لبعض المعتزلة في ذم أهل السنة ونصرة مذهبهم.

لجماعة سموا هواهم سنة *** وجماعة حمر لعمري موكفـه
قد شبهوه بخلقه وتخوفوا *** شنع الورى فتستروا بالفلكـه

وقد تصدى للرد عليه من أهل السنة علماء كثر، وقال في ذلك المقري:

أبدوا ما يؤيد مذهبهم الظافر *** وتركوا المبتدع يحك رأسه بغير أظافر

ومن هؤلاء العلماء “ناصر الدين بن المنير الإسكندراني، وأبو علي عمر بن محمد بن خليل السكوني الأصولي… وإبراهيم بن هلال وغيرهم” ومما قاله ابن هلال في الرد على البيتين:

عجبا لقوم عادلين عن الهدى *** ودعوا أولي الحق الحمير موكفـه
وتلقبوا عدلية لمـــا رأوا *** بالمقالة شنعاء رأي الفلسفـــة

• أبو محمد عبد الله بن محمد العنابي البوني (كان حيا عام 892 هـ)
نزيل درعة من أعلام العلم، كان سيدا فاضلا، عالما مشاركا في علوم كثيرة مع براعة في الأدب وقرض الشعر، قال ابن عسكر “كان معاصر الشيخ إبراهيم – يقصد ابن هلال- مصادقا له وكانت بينهما مكاتبات ومخاطبات ينبغي أن تكتب بماء الذهب لحسن توقيع كل منهما وبلاغته”.
له قصيدة لامية حسنة امتدح بها ابن هلال سماها “جواهر الحلال في استجلاب مودة ابن هلال”.
وخاطبه ابن هلال بأخرى جاء فيها:

يا نخبة العلماء والفضاء *** وبقية الأعلام والنبـــلاء
وبراعة وفصاحة وبلاغة *** أعيت جميع ألسن الفصحاء

وجاء في آخر القصيدة:

ما إن لنا بجزاكم من طاقـة *** من لي وكيف وأتى لي بكفاء
لكن جميل الذكر مني لم يزل *** ما عشت موصولا مع الأبناء

يتبع…

إبراهيم بن هلال السجلماسي “المبحث الرابع”

Exit mobile version