صورة المرأة في الأمثال المغربية

الصورة السلبية التي قدمها الموروث الشعبي المغربي عن المراة

لطالما استهوتني الأمثال الشعبية المغربية، لما فيها من حِكم وكلامٍ موزون، يزرع في القلب حنينا لماضي الأسلاف، ويطرح أمامي علامات استفهام مثل: ماهو السياق الذي قيل فيه هذا المثل؟ مَن العبقري الذي قاله؟ ليقودني البحث إلى الغوص أكثر فأكثر في أعماق هذا الموروث الثقافي الغنيّ.

وقد دفعني اهتمامي بهذه الأمثال، إلى إعداد وتقديم برنامجٍ تلفزي قبل سنوات، اخترت له عنوان” على طرف لساني“، لكن ما صدمني خلال مرحلة التحضير للبرنامج، وحتى خلال قراءاتي وبحثي، بوصفي طالبا باحثا بماستر “النوع الاجتماعي، الخطاب والتمثلات“، هو مكانة المرأة داخل هذا الموروث الثقافي، إذ نجدها محتلة أدنى المراتب العائلية والمجتمعية، كما توصف بالكائن الغريب المذموم، الفاتن الخائن.

لا شك أن النهوض بالمرأة وقضاياها لا يمكن أن يتحقق في الحاضر مالم نرصد واقعها في الماضي، هذا الواقع الذي يترك رواسبا تتخذ أشكالا متعددة يصعب الانسلاخ عنها.

وتعتبر الأمثال الشعبية إرثا مُهمّا يعكس عادات الشعوب وتقاليدها وقيمها وأفكارها، وتلخص ثقافة وتاريخ المجتمعات.
صورة المرأة في الأمثال الشعبية المغربية، عانت من التعتيم والحيف، والاستخفاف بمردودها، في الأسرة والمجتمع ككل، فليس لها رأي ولا قرار، وفي أحسن الحالات “شاورها وماديرش برايها”، صوّرتها بعض الأمثال على أنها مذمومة سيئة الأخلاق: “ديرها ف الرجال و نساها وديرها ف النسا و ترجاها” ومن كلام عبد الرحمان المجدوب “سوق النسا سوق مطيار يا الداخلو رد بالك، يوريك من الربح قنطار ويرزيك فراس مالك“، وغيرها من الأمثال كثير، حيث أشاعت صورةً مغلوطة وسيئة عن المرأة، ساهمت في التنشئة الاجتماعية لأجيال وأجيال. وفي ما يلي جرد لبعض الأمثال الشعبية المغربية التي تصب في الاتجاه نفسه:

تشبيه المرأة بالحيوان

الطول طول نخله، والعقل عقل بغلة
الحجلة لخفيفة من سعد الصياد.
لمرا ايلا شافت الشيب، بحال النعجة ايلا شافت الديب.
لا تكسب بقرة نطاحة، ولا تتزوج امرا نواحة.
اللي خاد بنت عمو بحال اللي عيّد من غنمو.
اللي عينو ف لعذاب، يخالط النسا ولكلاب
.
ف منزلة البردة، تضرب السمرة حتى للكبدة، وترد لعروسة جلده، ولعكَوزة قردة.

إنسانة مذمومة، سيئة الأخلاق

اللبن والزبدة كانو اخوتات، ما فرقوهم غير لعيالات.
الله انجيك من الحاجبة ايلا طلات، ومن البايرة ايلا طلبات الصداق.
امشات عيشة تجيب القزبور، جات حامله من سبع شهور، ولو كان ماخافت من الطلاق، كن بقات حتى خلاق.
تلاثة كيفرقو بين الخوت: المال والنسا والموت.
كحلة ومكحلة وكَالسة ف طرف السوق، وخايفة من العين.
لا مزيانة للمنظر، لا خفيفة تتسخر.

واجب الصبر والخضوع

الحرة ايلا صبرات، دارها عمرات.
خد بنت عمك، تصبر على همك.
لو كان الخير فيا، ما يتزوج راجلي عليا.
اللي تزوجها قد مو ترفد ليه همو.
شبعت أنا وشبع حراتي، رفدي يديك امراتي.

اعتبار المرأة سلعة

اعط بنتك، وزيد عصيدة.
زوّج بنتك وبعّد دارها، مايجيك غير خبارها.
قالّو اش المعمول يا قاضي ف عيشة، قالّو طلقها وانا ناخذها.
اللي عندو امرا وحدة هجال، واللي دار الثانية دار الفال، واللي تزوج بالثالثة عوال، واللي عندو الرابعه عاد امكن ليه يجلس مع الرجال.
اللي يتزوج لمرا صغيرة كيحوز الخير والدخيرة.

دور إنجابي لا غير

اعطاها عشر ريال ف الصداق، وبغاها تولد ليه قايد.
خادها بسبع فرنك، وبغاها تولد لو قايد.

مصدر للمتعة الجنسية:
المرا بلا زواج بحال السانية بلا سياج.
يلا تزوجتي المرا طويلة، تحيرك في الكسوة والتسرويلة.
يلا تزوجتي تزوج القصيرة، ما يجبر العدو ما يقول عند التفصيلة.

إباحة ضرب الزوجة من قِبل الزوج:

اضرب اللوسة، تخاف لعروسة.
كن أزماني حرش، وها وجهي بوس واطرش
.

تدبير شؤون البيت:

دبا تمشي ايام وتجي ايام، لعيالات تمشي للسوق والرجال تحضي الخيام.
شوف بيتها وخذ بنتها.

شكلت المرأة موضوعا رئيسيا في عينة الأمثال الشعبية المذكورة سلفا، والتي تتفق كلها على كون المرأة سيئة الأخلاق، يقتصر دورها في الحياة على الإنجاب وخدمة الزوج والأسرة ككل، بل وذهبت العديد من هذه الأمثال إلى أبعد من ذلك، حيث شبّهتها بالحيوان. وبه يكون هذا الموروث الثقافي الشعبي- من خلال هذه العينة التي تم الوقوف عليها في هذه الورقة المتواضعة- قد أجمع على تقديم صورة سلبية عن المرأة، وجعل منها شرا، أو أداةً في يد الرّجُل والمجتمع ككل لتحقيق أهدافه ونزواته، وكأنها كائن لاإنساني من طبيعة مختلفة، بالمقابل، تكاد تنعدم الأمثال التي تمدح محاسن ومزايا المرأة على أسرتها ومجتمعها.

بالمقابل، قاومت المرأة المغربية وحققت نجاحات باهرة في المجالات كافة، لكن محتوى وتأثير الأمثال الشعبية ظلَّ صامدا وقتا طويلا في تنشئة أجيال وأجيال، وما يزال، وهو ما يؤكده اليوم على سبيل المثال، ما صرّح به شابٌّ مغربي مؤخرا، حيث جاد بنصيحة على متابعيه مفادها “لا تتزوج متعلمة“، ما أحالني مباشرة على المثل الشعبي القائل “ بنتك لا تعلّمها حْروف، ولا تسكنها غرُوف”.

صورة المرأة في الأمثال المغربية

Exit mobile version