الصحراء مغربية ولايمكن أن تكون إلا كذلك

بقوة القانون وحكم الواقع

تعد قضية الصحراء المغربية من أقدم وأطول النزاعات الترابية التي عرفها التاريخ الحديث، وذلك لتداخل خيوط أطراف الصراع فيها، ونوعية العداء والتصدي لحق المغرب التاريخي في صحرائه، نعم اقول التدخل للمغرب في صحرائه ،ولم يتوقف الصراع على الصحراء المغربية على مدى أربعة عقود من الزمن، دون حصول أي تقدم ملموس في اتجاه إيجاد حل نهائي ومتفق عليه..

هذا وقد طفت المشاكل السياسية الدولية بخصوص ملف الصحراء المغربية على سطح العلاقات الدولية بشكل جلي بعد  اتفاقية مدريد (14/11/1975)التي وقعتها كل من إسبانيا والمغرب وموريتانيا، لإنهاء الإستعمار الإسباني في الصحراء المغربية، والتي تم بموجبها تقسيم الصحراء المغربية إلى منطقتين جزء تابع للمغرب والثاني لموريتانيا،ليستمرار الوضع على ما هو عليه إلى حدود سنة 1976 عندما قررت اسبانيا الانسحاب بشكل رسمي كلي من ملف الصحراء، وهو الأمر الذي استغلته جبهة البوليساريو وتعلن بذلك قيام ما أسمته بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية وتشعل نار الفتنة بذلك بشنها حرب عصابات ضد كل من المغرب وموريتانيا، الأمر الذي لم تتحمله إمكانيات الجيش الموريتاني وكذا مشاكل السياسة الداخلية التي كانت تعاني منها موريتانيا انذاك الأمر الذي عجل بانسحاب موريتانيا هي الأخرى وتراجعها عن النصف الثاني من واد الذهب (منطقة التيريس) تاركة المجال أمام المغرب ليضمها ،ليمر ملف الصحراء المغربية بعد ذلك بالعديد من المفاوضات او بالأحرى المحطات التاريخية
منطلقة من إنشاء بعثة “المينوروسو”لسنة 1991 لمراقبة حيثيات الوضع العسكري والسياسي بين المغرب وجبهة البوليساريو، لتمر باالاقتراح المغربي بشأن المبادرة المغربية القاضية بمنح الصحراء المغربية حكما ذاتيا في إطار السيادة الوطنية لتتوالى التصعيدات بين المغرب والبوليساريو لعل أبرزها التصعيد العسكري القوي الذي عرفته منطقة الكركارات بين الطرفين والذي وصل لحد استعمال السلاح لولا تدخل قوات المينوروسو لأجل الحيلولة دون إندلاع إشتباكات بين الطرفين، ليقوم المغرب بعد المفاوضات بسحب قواته، ثم تبعته البوليساريو وسحبت قواتها..

ولم يتوقف التحرك المغربي عند هذا الحد، بل شمل الجانب العربي والإفريقي، فكان من نتائجه، الطلب الذي وجهته المملكة السعودية إلى إسبانيا بتاريخ 1 أكتوبر1974 باسم كافة الدول العربية على التعجيل بحل قضية الصحراء المغربية، وكذا تصريح السكرتير العام لمنظمة الوحدة الإفريقية بتاريخ 14 مارس 1975، أكد على مساندة المنظمة للمغرب بجميع الوسائل من أجل تحرير أراضيه المغتصبة، وكذا الإجراء الذي أقدمت عليه حكومة ساحل العاج بتاريخ 25 مارس 1975 عندما وضعت السيد “ألفونسو بونسي” ليمثل المغرب في محكمة العدل الدولية… 

وبعد اعتراف محكمة العدل بالحقوق التاريخية للمغرب في صحرائه، أعلن الملك الحسن الثاني، بتاريخ  6 نوفمبر 1975، تنظيم مسيرة سلمية خضراء نحو الصحراء بمشاركة 350ألف مواطن، وما اعقب ذلك من اكراهات وصعوبات… 

وتجدر الإشارة ان ملف الصحراء المغربية لم يغلق هنا بل توالت المباحتاث والمفاوضات وردود الفعل العديدة من طرف الجزائر،جبهة البوليساريو..
ومما سبق يتضح أن المغرب أدى المطلوب منه، ثمة حاجة إلى تحرك جدي للأمم المتحدة ولأمينها العام الجديد، “أنطونيو غوتيريش” ، لنقل قضيّة الصحراء إلى فضاء مختلف.

يعني ذلك أن توضع هذه القضية في إطارها الصحيح. والإطار الصحيح هو أنها قضية بين المغرب والجزائر.

فإستفزاز المغرب بصحرائه لم ولن يضره ابدا لان الصحىراء مغربية .

وبعض التواضع ضروري بين الحين والآخر. يقضي التواضع هنا الاعتراف بأنّ الحل النهائي لقضية الصحراء هو بين المغرب والجزائر ليس غير، هذا هو إطار القضيّة كلّها.


بناء عل ذلك نستحضر:
تجديد  مجلس الأمن الدولي التأكيد على المعايير التي حددها بوضوح في قراراته 2414 و2440 و2468 و2494 من أجل التوصل إلى حل نهائي للنزاع الإقليمي حول قضية الصحراء المغربية خلال إحاطته حول قضية الصحراء المغربية وفقا للقرار 2494، الذي تم اعتماده في 30 أكتوبر 2019.
والذي  – أكد  فيه على معايير الحل السياسي للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية.

وعبر غوتيريس، في التوصيات المتضمنة في التقرير، عن اقتناعه بأن حل قضية الصحراء هو أمر ممكن، مشددا على أنه حل سياسي عادل ودائم ومقبول من قبل الأطراف، على أساس القرارين 2440 و 2468، سيتطلب التزاما صارما من قبل جميع الأطراف، حتى متم العملية السياسية .
ومن خلال القرارين2468و2440 حدد المجلس معالم الحل السياسي الذي يتعين أن يكون واقعيا وعمليا ودائما وتوافقيا، وهو ما يمثل، في حد ذاته، تكريسا للمبادرة المغربية
فما دام هذا هو الحل الجوهري، فلماذا المجتع الدولي لا يعمل عليه بغية سد هذا الطرح بشكل نهائي؟ هذا مباشرة يحيلنا إلى طرف سؤال آخر جد جد مهم وفي صيغته لربما إجابة على سؤالنا الأول مفاده، 

 من يستفيد من استمرار هذا النزاع؟ لماذا أفق التسوية مستعصية؟ إلى متى؟
عاجلا ام آجلا، ستكون الامم المتحدة امام امتحان واضح كلّ الوضوح بعدما ابدى المغرب كلّ التعاون مع الامم المتحدة وكان سباقا لسحب قواته من “الكركرات

سيتبيّن ما اذا كانت “الدينامية والروحية الجديدتان” ستنسحبان على العقلية التي تتعاطى بها المنظمة الدولية مع هذه القضيّة التي تستغل من جانب عدد لا بأس به من الأطراف في لعبة تصفية حسابات مع المغرب. وكل الطرق والدلائل والمباحثات والمفاوضات… تؤدي إلى ذلك.. هنا يحضرنا مثال مغربي شهير (مندرقوش الشمس بالغربال).

 فعندما تتحدث السلطات في الجزائر عن حق “تقرير المصير للشعب الصحراوي”، عليها تحديد اوّلا مفهومها للشعب الصحراوي ولماذا لا توفّر لهذا الشعب “دولة مستقلّة” على ارضها ؟ما دام الصحراويون موجودون على طول الشريط الممتد من موريتانيا الى جنوب السودان المطلّ على البحر الأحمر.

الصحراء مغربية ولايمكن ان تكون إلا كذلك

خالد ميموني

باحث في العلوم القانونية.