مكامن التفرقة بين المسلم وغير المسلم من خلال بعض النصوص القانونية

قال الأستاذ أحمد عصيد في لقاء مصوَّر مع أحد المواقع الإلكترونية إنه لا فرق بين المؤمن والكافر في القوانين الوضعية المغربية، وأردف أن مفهوم الكفر لم يعد موجوداً في الدولة الحديثة ويبرر ذلك بأن الدولة الحديثة تستند الى القوانين الوضعية، لكنه لا يعلم أن مفهوم الدولة الحديثة نُوقشت فيه العديد من الأطروحات ولم تُوفِه حقه، كما أنه لا يعلم أنه من مصادر الرسمية للقانون الوضعي المغربي : التشريع والعرف والشريعة الإسلامية. هذه الأخيرة التي تساوي بين المسلمين والكفار أمام القضاء والكل يعلم قصة اليهودي الذي سرق درع علي بن أبي طالب، فيقف إلى جوار أمير المؤمنين علي أمام قاض مسلم الذي حكم لصالح اليهودي …  لكن الشريعة الاسلامية أفردت مكانة هامة للمسلم داخل منظومتها هذه المكانة التي انعكست على التشريع المغربي؛ وقبل المضي في الحديث لابد أن نحدد مفهوم الكافر عن مفهوم المسلم.
الكافر هو المُلْحِد، المُنْكِر للدِّين أَو المخالف له، أي غير المؤمِن  والتكفير لا يجوز وله ضوابط بل هو إلى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ، فهو من الأحكام الشرعية التي مردها إلى الكتاب والسنة، وإن تكفير المسلم من الكبائر التي نهانا عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما المسلم من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ولا أود الوقوف كثيراً عند شرح المفاهيم، لأن غرضي من هذا المقال هو الوقوف عند مكانة المسلم في التشريع المغربي وتبيان أهمية التفرقة بينه وبين الكافر استناداً على نصوص قانونية في التشريع المغربي.
أولا الدستور : جاء في تصديره بأن المملكة المغربية … دولة إسلامية ذات سيادة كاملة، ويعتبر الدستور أسمى قانون في الدولة هو الذي يحدد نظام الحكم فيها وتنظيم السلطات العامة وبيان الحقوق والحريات المقررة للأفراد. الفصل الأول منه في فقرته الأخيرة أكد على أن الأمة تستند في حياتها العامة على الثوابت الجامعة التي تتمثل في الدين الإسلامي السمح، الفصل 3 يؤكد على أن الإسلام هو دين الدولة التي تضمن لكل واحد حرية ممارسته، الفصل 7 كذلك يتحدث عن عدم جواز تأسيس الأحزاب السياسية بهدف المساس بالدين الإسلامي، الفصل 41 من الدستور اشترط ضمنياً اعتقاد رئيس الدولة بالإسلام، فالملك هو أمير المؤمنين حامي حمى الملة والدين، يرأس المجلس العلمي الأعلى الذي يعتبر الجهة الوحيدة المؤهلة لإصدار الفتوى استنادا على مبادئ الدين الإسلامي الحنيف، وبما أن تَوَليه أسمى منصب في الدولة وهو إمارة المؤمنين مرتبط ارتباطا وثيقاً بالديانة الإسلامية بنص البيعة، فالأمر الذي انعكس على باقي المناصب على رأسها:
العدل والقضاء: تنص المادتان 4 و 6 من الظهير الشريف رقم 56-06-1 بتنفيذ القانون رقم 16.03 المتعلق بخطة العدالة، يشترط في المرشح لهذه المهنة أن يكون مسلما مغربيا مع مراعاة قيود الأهلية. 
مدونة الأسرة : يتجلى هذا الفرق في الكثير من المواد فبعد المادة 2 التي تنص على المدونة تنظم العلاقات بين المغاربة اللَّذَين أحدهما مسلم، هناك المادة 5 و 14 التي تشترط قراءة الفاتحة، ولقيام العقد يجب  حضور عدلين (شاهدين مسلمين) فالكافر هنا يستثنى من الشهادة بديهياً، المادة 39 تمنع زواج المسلمة بغير المسلم، والمسلم بغير المسلمة ما لم تكن كتابية، المادة 65 التي تحتوي على الإجراءات الشكلية ينص البند 5 منها على ضرورة الإذن بالزواج لمعتنق الاسلام حديثاً والأجانب، المادة 173 (الباب الثالث) شروط استحقاق الحضانة الشرط الثالث القدرة على تربية المحضون وصيانته ورعايته ديناً وصحة وخلق، المشرع أعطى الأولوية لتنشئة الدينية وهو يقصد هنا بالدين الإسلامي لأنه خصص لليهود مدونة الأحوال العبرية وبذلك تسقط الحضانة عن الكافر معتنق أحد الشرائع المحَرَّفة أو الملحد لأنه لن يستطيع تربية المحضون ورعايته دينياً، نفس الشيء ينطبق على الكفالة فالمادة 9 من القانون رقم 15.01 المتعلق بكفالة الأطفال تسند كفالة الأطفال الذين صدر حكم بإهمالهم إلى الزوجين المسلمين؛ وعودة إلى مدونة الأسرة المادة 332 لا توارث بين مسلم وغير مسلم (الكافر) فموانع الإرث عند الفقهاء سبعة موانع ويرمز إليها بقولهم: “عش لك رزق” 
القانون التجاري وقانون الالتزامات والعقود: الذي يعتبر الشريعة العامة لكافة القوانين، الفصل 912 منه تبطل بقوة القانون، بين المسلمين، كل شركة يكون محلها أشياء محرمة بمقتضى الشريعة الإسلامية، في حين أن الفصل 870 ينص على أن اشتراط الفائدة بين المسلمين باطل ومبطل للعقد الذي يتضمنه سواء جاء شرط الفائدة صريحا أو ضمنيا أو اتخذ شكل هدية أو أي نفع آخر للمقرِض أو لأي شخص غيره يتخذ وسيطا له، بالإضافة إلى أن الفصل 111 حوالة الحق تشمل توابعه المتممة له، كالامتيازات، مع استثناء ما كان منها متعلقا بشخص المحيل وهي لا تشمل الرهون الحيازية على المنقولات والرهون الرسمية والكفالات، إلا بشرط صريح؛ وتشمل الحوالة دعاوى البطلان أو الإبطال التي كانت للمحيل، ويفترض فيها أنها تشمل كذلك الفوائد التي حلت ولم تدفع، ما لم يشترط غير ذلك أو تقضي العادة بخلافه، ولا يطبق هذا الحكم الأخير على المسلمين، الفصل 357 تقع المُقاصة إذا كان كل من الطرفين دائنا للآخر ومدينا له بصفة شخصية وهي لا تقع بين المسلمين، عندما يكون من شأنها أن تتضمن مخالفة لما تقضي به الشريعة الإسلامية.
القانون الجنائي : بعد الفصل 220 الذي يعاقب على زعزعة عقيدة المسلم نجد الفصل 222 الذي ينص على عقاب كل من عُرف باعتناقه الدين الإسلامي وتجاهر بالإفطار في نهار رمضان في مكان عمومي دون عذر شرعي، أما الفصل 5-267 يعاقب كل من أساء إلى الدين الإسلامي بالحبس..
إن مواطِن التفضيل والتمييز بين المسلم وغير المسلم كثيرة في التشريع المغربي ولا يسعنا أن نتطرق لها جميعها تجنباً للإطالة ولأنها كذلك ليست الغاية الأساس من المقال. إذا سألت أي شخص عن مفهوم الديمقراطية سيجيبك أنها حكم الأغلبية أو حكم الشعب … وبما أن جل المغاربة مسلمون استناداً إلى أغلب الإحصائيات الرسمية المكتوبة، حيث تتراوح النسب بين %99 و98% فمن الضروري أن تنعكس هويتهم وشريعتهم الإسلامية الأسمى على القواعد القانونية الوضعية التي تنظمهم، لكن بعض العِلمانيين لهم رأي آخر.
Exit mobile version