السعي نحو الجمال

هل هو سعي نحو الجمال أم الكمال؟

لطالما كان الجمال معيارا للتمييز بين الأشخاص في كل الأزمان وفي كل الحضارات، وبالأخص في صفوف النساء، إذ أن الفتاة ذات الوجه الجميل والقوام الرفيع تكون محط أنظار الجميع وذات حظ أوفر في موضوع الزواج، ذلك بالمقارنة مع غيرها من الفتيات.
ومع توالي العصور، لازالت قصة الجمال هاته تحتفظ بالأوراق الرابحة ولازالت محط اهتمام الكثيرين، غير أن هاته المسألة لم تعد تخص الجنس اللطيف فقط، بل وأصبح للرجال نصيب لا يمكن تجاهله.

أصبحت شوارعنا العربية بصفة عامة والمغربية بصفة خاصة لا تخلو من الأنيقات والأنيقين ذوات وذوو المظاهر الحسنة، من الأطفال إلى كبار السن، دون الحديث عن الفئة الشابة، فقد أصبح الشغل الشاغل لهذه الفئة الأخيرة -شابات وشبابا على حد سواء- أن يكونوا في أحسن حلة مهما كلفهم الأمر، فهاته المسألة لم تعد حكرا على الطبقة الراقية بل أصبحت متاحة للجميع.

فاليوم وفي كل مكان، أصبحت محلات بيع الملابس توفر آخر صيحات الموضة وبأثمنة مناسبة للجميع وفي بعض المتاجر قد تفوق قدرة الطبقة المتوسطة التي تكتفي بالأسواق الشعبية. أما في ما يخص أدوات التجميل، فالمحلات المخصصة لها تكاد لا تستطيع عدها في الشارع الواحد وتجدها تعج بالجنس اللطيف من مختلف الأعمار.
وفي نفس الشارع، صالونات الحلاقة الخاصة بالرجال لا تقل عن سابقاتها لأدوات التجميل، فأصبح بين كل حلاق وحلاق حلاق، لكن الحقيقة أن عمل هذا الأخير لم يعد يقتصر على قص الشعر وتحديد الذقن فحسب، بل بات من مهماته تنعيم الشعر وإزالة البقع السوداء وتنقية البشرة وما إلى ذلك، مما يستلزم معه التوفر على أحدث المنتجات والآلات.

وفي هذا الصدد، لا يمكننا الحديث عن هذا الموضوع دون الإشارة إلى التأثير الكبير لمواقع التواصل الاجتماعي على روادها، وعلى وجه الخصوص تطبيق الانستغرام، العالم المثالي المليء بكل ما هو رائع و جميل، فالكل هناك يستعرض حياته الشخصية من جانبها الجميل والتي في الحقيقة -وفي الغالب- تكون مُفَبركة و مُفلترة. وترى أغلب متصفحي هذا الموقع من مراهقين وشباب، يتابعون المئات من المشاهير والمؤثرين الذين يعرضون صورهم وهم في أبهى حلة؛ ماركات عالمية، أكسسوارات وساعات يدوية فاخرة، أحذية لامعة، أجسام منحوتة، تصفيفات شعر خرافية، وأسنان بيضاء ناصعة حيث كل سن يتموقع في مكانه المطلوب بالميلمتر… فَلم يعد ذلك الفتى وتلك الفتاة مقتنعين بنفسيهما، فأضحيا يسعيان وراء ما رأوه على شاشة الهاتف والحاسوب، بل وبات التشبه بذلك العالم من الأولويات.
ومما يجهله هؤلاء المتصفحون، أن وراء تلك الصور فريق عمل محترف وأموال طائلة، والغرض كم ذلك كله التسويق للعلامات التجارية والأماكن السياحية والترفيهية وغيرها من الأغراض الربحية.

في الحقيقة، لا يمكن دحض ما تقدمه صفة الجمال من ميزات للمرء، فأول ما يلفت النظر هو المظهر، أما الجوهر فلا يمكن الحكم عليه من الوهلة الأولى. فالإنسان بطبعه محب لكل ما هو جميل وفاتن، لذا، ومن المهم أن يهتم المرء بمظهره وأناقته بما أتيح له من وسائل، فثياب بسيطة ونظيفة وقليل من العناية تفيان بالغرض، ولا يجوز أن تأخذ هاته المسألة من وقتنا الثمين وألا تشغل تفكيرنا البتة، فلكل منا نصيبه من الجمال، وقد صح المثل المغربي في قوله: حتى زين ما خطاتو لولا..


لمعرفة معلومات أكثر عن الموضوع، تابعوا عبر هذا الرابط فيديو منشورا سابقا على منصة زوايا حول كموضوع “هوس الجمال” ضمن سلسلة سيكولوجيا

السعي نحو الجمال

منير أمزووگ

في فخ غريب وقعنا، في عالم الأرقام ضعنا ...، لطالما رددنا هاته الكلمات و نحن صغار نتلهف بداية حلقة جديدة من المسلسل الكرتوني.. الغريب في الأمر أنه بعد مرور سنين من تلك اللحظات أدركت فعلا أننا في عالم الأرقام ضعنا. وسط كل قذارته، زوايا عدة من هذا العالم الرقمي تنبض بالعلم، بالفكر، بالتجديد، بالأمل وبالحياة ... لنتفكر، لنبدع ولنعبر بإحسان. منير أمزووگ، مهندس دولة وعضو فريق مدونة زوايا، مدون وصانع محتوى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *