وحشٌ اسمُه الاكتئاب!

يرن المنبّه ليجدني مستيقظة أُحملق بعينَيَّ الكبيرتين ليس اِجتهادا مني لأنني أبكرت في النهوض، ولكن لأن النوم لا يعرف لطريقي سبيلاً.. 
لربما أضاع بوصلته أثناء تسوقِه من متجر الراحة والطمأنينة، أو تاه وسط زِحام أمتعتي التي باتت غير مرتبة، أبعثرها يمينا وشمالا كي لا أترك رُقعة في البيت تُذَكرني بهولِ الفراغ الذي أحسه، أبث في ثيابي روحا وأمنحها أسماءً أقصُّ عليها قصصا، فتنام وتتركني مستيقظة أُعد كم خطا مستقيما في السقف وكم نقطة في الجدار، أتبع شقوقه حتى أشعر بعيني قد استقرتا على رأس أنفي، لم أنتبه يوما أن لي أنفا صغيراً ودائريا، صغيرٌ بحجم الفرح الذي عشته ودائري كحياتي التي تدور بلا إتجاه.. 
أتُوه وأتُوه، أقف قليلا في المنتصف في محاولة مني لفهم هذا الغموض، أحوِّل ضياعي للعبة غامضة؛ فأستمر في الدوران والجري وكُلِّي لهفة حتى أكتشف المجهول، لكن لا جديد يُذكر… الغميضة لم تنفع هذه المرة ! 


حتى ثيابي لا تحرّكُ ساكناً! أظننِي لم أعتن بها جيدا، أهملتُها كما أهملتُ نفسي وأطعمتها حزنا ساما لم تستطع تحمله، وماتت كروحي التي نخرها الظلام. 
أنا أيضا ميتة، لكن باستطاعتي تحريك جسدي، ألوح يمينا وشمالا، ليس رقصا كما ترون وإنما غرقاً، وحين ينتهي الموعد أرفع يدي مطولا أرجو اللقاء وأستمر في رفعها لعلكم ترون أني أخاطب نفسي ساعة التوديع، لعلكم تلمحونني، فتجُودوا علي بعناق.. 
هكذا أنا كدولابي الذي أفرغته بأنانية ساعةَ اِحتياجي لونيس، تركته فارغا يعاني في صمتٍ مُميت، تركته رغم تفانيه في ضَمِّ أشيائي وستر عيوبها، تركته رغم كمِّ الضغط والثقل الذي كان يحمله دون شكوى.. تركته ببرود كحديقة خاويةٍ عُروشها، تركته كما تُرِكتُ وسط زخم ضجيج وازدحامٍ مصطنع … 
لم يكونوا أرواحا تلُفني وتحضنني، بل أشباحا تُفلح في قضِّ مَضجعي، تذيقني عذاباً نِلتُه عن جدارة واستحقاق لأني ما كنت عادلة، منحت بإفراط وتفريط أعطيت أكثر من اللازم فنلت اللاشيء … اللاشيء… أجل كلهم اختفوا كأنهم سرب بالونات فُرقعت حين بَهتت، ولم يعد بمقدوري ارتداء ابتسامتي البالية.. 
اختفوا وتركوا الفوضى خلفهم فيا ليتهم أتقنوا فن الرحيل ورحلوا في هدوء… واحد إثنان ثلاثة، أظن أن لعبة الغميضة قد ألِفَتني سأستمر في البحث.. الغوصُ لم ينتهي بعد، ثمة شيء يتحرك يُصدر صوتاً .. أربعة خمسة.. يكبر وَيكبر، يتسلق رأسي، ويجثم على صدري… يحيط أذرعه بي يُحاول إقناعي أني لست وحيدة ستة … سَ بْ عَ ة، يكبر ويكبر يشُلُّ يدي و يكبِّل أرجلي 
ثما اااااا ن ي.. ة تِسسسسع…….ة عَ شَ رَ ة ع شَ رَ ة …حشرة اِستقرت، تغذَّت لتصبح وحشاً أسمَوهُ ساعة الولادَة “اكتئَابا”..! 

مدونة زوايا

زوايا فريق شاب مؤلف من 10 شباب عرب مختلفي التخصصات والاهتمامات و غزيري الأفكار يجمعهم حب التدوين والرغبة في إثراء الويب العربي بمحتوى مفيد فريق زوايا ذو أفكار خلاقة وعزيمة متأهبة يعدكم بمحتوى مدوناتيٍّ أقل ما يقال عنه أنه استثنائي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *