أنا وأنت.. ونحن

هل نحن فعلا بكل تلك البشاعة؟

أنا وأنت ونحن نحتاج لاتخاذ قرارات متنوعة ومتعددة بل وحتى معقدة جدا أثناء سيرنا المتواصل نحو ما تصبو إليه أنفسنا بقلب هذه الحياة.. نحتار أحيانا في ذلك ثم نبحث عن عقول أخرى لنناقش معها أمورنا الشخصية، ننتظر منها بطريقة غير واضحة أن تفك لغزنا، أن تقدم لنا الصواب الذي نحتاجه وأن تتحمل عناء اتخاذ القرار مكاننا..

نبحث عن التحرر من كل شيء وننسى اننا أسارى مجتمع يؤمن بأي شيء ويُكذب كل شيء…

أنا وأنت ونحن نكبر فجأة فنجد أنفسنا متعلقين بمحيطنا، بأسرتنا الصغيرة، بجيراننا، بالمدرسة التي عبرناها بطفولتنا وبشبابنا، بالحي الذي سكنا به يوما، بالمدينة التي قبعنا بها لمدة ليست بالقليلة، بأول عمل وأول مكتب حظينا به بمسيرتنا المهنية، نتعلق بأول غريب يعبر طريقنا وبكل حيوان ألفناه أمام المحل التجاري الذي نتسوق منه؛ نكبر فيجرنا الحنين لطلة من نافذة غرفة نومنا الصغيرة، يجرنا للعب فوق سطح منزلنا العتيق..

نتوهم الحرية لكننا نستنتج بنهاية المطاف أننا سجناء كل شيء حولنا رغما عن أنوفنا الصغيرة…

أنا وأنت ونحن نهرب من معرفة الحقيقة ومن قول الحقيقة، نهرب من الاعتراف بالجميل وبرده، نهرب من شكر محتوم، من مصارحة أنفسنا ومحادثتها وفتح مجالس حوار معها ومن عتابها، نهرب من البوح بأحاسيسنا وعواطفنا بوقت يجب أن نفعل فيه ذلك، نهرب من كل شيء حتى من مسؤولياتنا فنشرع في لوم الآخرين، لا نتوانى في تحميل الغير تبعات أخطائنا ونمنعهم من لومنا..

ثم نتساءل… أين هي العقول التي ستستوعب نضجنا الفكري.. أين هي الأدمغة التي ستتحمل تمردنا اللغوي، أين هي الأرواح التي ستبادلنا نفس مستوى الطموح والمسعى الذي نهدف إليه والتي ستدعمنا وستقول لنا ″حاول ولا تستلم، لقد أوشكت على فعلها، لقد اقتربت من النجاح!! فقط واصل”.
صرنا نخشى البوح بما نريد جهرا مخافة نظرة دونية تنتقص مما نقوله، مخافة تحطيم لأحلامنا الصغرى، مخافة هز لمعنوياتنا المتقلبة بطبيعتها، فنضجر أو ربما نبكي أو حتى نتوقف!!

كل الصفات المجتمعية أعلاه اتحدت لتصف لنا ما صارت عليه شخصية إنسان ينسب نفسه لبيئة سلبت منه كل شيء ولم تمنحه ما يريد، بيئة تسطر لكل واحد على حِدة حياتَه بحذافيرها وتخيطه على مقاساتها فتصنع لنا شخصية مركبة من كل فن طرب… المهتز نفسيا والمختل عقليا والضعيف جسمانيا والمنفصم فكريا؛ لنجد أن الكل يشتكي من الاختلالات البشرية بمجتمع يعاني جهرا ويفرح سرا، مجتمع يؤمن بالدين ظاهريا وبالعهر باطنيا، مجتمع يقلد أكثر مما يبدع ويتبنى أكثر مما ينتج !!

أنا وأنت ونحن لسنا بتلك القساوة التي تصفنا بها بقية الشعوب الغربية، لسنا بتلك البشاعة التي ننظر بها إلى أنفسنا وإلى مجتمعنا العربي؛ لسنا بتلك الفوضى التي اتهمنا بها العالم: الاغتصاب، السرقة، الفساد، الظلم، الكذب وكل أنواع الفتن؛ ربما هي سلوكيات عشوائية تصدر منا انتقاما لأنفسنا لأننا لم نحقق ما نريد أو لأننا لم نحصل على ما نستحق..

نحن فقط بحاجة للقليل من الترتيب، بحاجة لقتل الصورة التي رسمناها عن أنفسنا بداخلنا والتي أوهمتنا أننا لن ننكسر ولن نضعف ولن نسقط أبدا. ذلك حتى نتمكن من الاعتراف بكل أخطائنا والعودة إلى حجمنا الطبيعي السليم من كل التناقضات.

أنا وأنت.. ونحن

الهام قيطوني

مدونة مغربية وطالبة باحثة بسلك الماستر شعبة الاعلاميات التطبيقية على الاقتصاد والتسيير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *