سكيزوفرينيا

مجتمعي تائه، ضل وجهته فتاه عن هدفه

لا أحس بأي رغبة في النوم مع أنني جد متعبة…
أتعبني الواقع الذي نعيشه ويومياتنا المليئة بالفضائح التي لا تنتهي، وسلوكات بشرية غير مفهومة نحاول استيعابها وتفسير خلفياتها ونحاول علاجها لكن دون فائدة..
لماذا؟
لأنني شخصيا وأحيانا أحس أنني أنتمي لمجتمع لازال لا يستطيع تحديد هويته بعد.. لا زال يتمايل بين من هو وبين ماذا يريد..

أفراد هذا المجتمع يعيشون سكيزوفرينيا غريبة جدا! يسمحون ببيع الخمور بالأسواق الكبرى على مرأى الجميع.. يسمحون بالسياحة الجنسية ويفتحون الحانات ويوزعون المخدرات لشباب الوطن، ثم بعد ذلك يخبروننا أننا مجتمع مسلم أو بلد مسلم وأن كل ما سلف هو حرام..

شاب يعطي نفسه الحق في أن يتغزل بفتاة -أو بتعبير آخر أن يتحرش بها- ويزعجها ويجعلها تنفر من الخروج من بيتها مخافة أن يلحق بها ضررا نفسيا أو جسديا.. يذهب به المرض لأبعد من ذلك فتجد مريضا نفسيا يغتصب ويقتل ثم بعد ذلك كله يخبرك أن الأمر كان خارجا عن إرادته وأنها من استفزته بمنظرها ولباسها وشكلها وعطرها وأنه منساق وراء نزواته لا يستطيع كبحها، لكنه بنفس الوقت قد يقتل كل من يفكر بأن يتحرش بأخته أو ابنته.. هو لا يستحضر الدين هنا ولا الأخلاق.. هو فقط يخضع للعادات اللئيمة التي نسفت كل شيء..

نفس الشاب قد يعيش مغامراته العاطفية بكل أريحية وعندما يفكر بالزواج يبتغي من لا ماضي لها..
نفس الشاب وعند ولوجه للجامعة يتيه وسط الإيديولوجيات والخطابات والحلقيات والكتب والفلاسفة ويبقى واقعه وتصرفاته في واد، والخطابات المنسجمة مع توجهه في واد آخر..

مجتمعي أنا يدعو للتحرر كالغرب ويدعو للتمسك بالقيم الدينية في نفس الوقت، ومجتمعي أيضا مجتمع محافظ يحاول بشق الأنفس الحفاظ على موروث الأجداد من جهة، ومحاربة كل ما من شأنه أن يكون عرفا غير مسنود لا دينيا ولا قانونيا.. مجتمعي سقط شهيدا بين الأول والثاني، فلا هو يعيش وفق نمط حياة أوروبي ولا هو بقي مجتمعا عربيا مسلما يعيش انسجاما بين ما يتبناه من أفكار ومرجعيته الدينية.. مجتمعي يطالب بحرية لا يجيد استخدامها ويحصرها حتما في حرية العلاقات الجنسية الرضائية وفي حرية اللباس (الجريء والعكس ليس صحيحا)، وينسى أو يجهل أن الحرية بحر بعيد عن السطحية التي نتبناها نحن…
مجتمعي تائه، وبي أمل يشرق ويأفل بأن يهتدي بيوم من الأيام لنمط حياة غير هجين.

سكيزوفرينيا

سارة صالح

مدونة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *