ثلاثة صحابةٍ أبطال.. وعظماءٌ قادُوا معارك تاريخية في عرض البحر #25

خـالُ الرسول .. سعد بن أبي وقاص

سعد بن أبي وقاص هو سعد بن مالك بن أهيب، عَمِل رضي الله عنه في إعداد السِّهام ، فأعطاه هذا العمل قدرة على الرمي، ومهارة في الصيد والغزو، وهو من العشرة المبشرين بالجنة، وآخِرِهم موتاً.
أسلَمَ وهو ابن سبعة عشر ربيعًا، وهو من الصحابة السابقين إلى الإسلام، وقد شهِد رضي الله عنه المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فشارك في معركة “بدر”، ويوم “أحُد”، و”الخندق” وغيرها الكثير من معارك المسلمين، وكان قائدًا في معركة “القادسية”، وفُتحت على يديه مدائن كبرى. ومن فضائله أنّه أول من رمى سهمًا في الإسلام، وأول من أراق دمًا في سبيل الله، وحين رأى النبي عليه السلام بسالته وشجاعته فداه بأبيه وأمه يوم أحُد.
لقد كان بطلنا سعد بن وقاص من أكثر الصحابة جرأة في قول الحق، تظهر جرأة سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه في قول الحق في موقفه مع أمه، وذاك حين تركت الطعام ضغطاً عليه ليعود إلى الكفر، وحلفت ألا تأكل ولا تشرب ولا تكلمه حتى يكفر بالإسلام، ولكنه ثبت على موقفه، وفي ذلك أنزل الله تعالى قوله: { وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ }.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حق بطلنا سعد بن وقاص: “هذا خالي  فليُرِنِي امرؤٌ خـالَه”.

رائد العمليات الفدائية .. البراء بن مالك

إنه البطل الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: « كَمْ مِنْ أَشْعَثَ أَغْبَرَ ذِي طِمْرَيْنِ لاَ يُؤْبَهُ لَهُ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ؛ لأَبَرَّهُ مِنْهُمُ الْبَرَاءُ بْنُ مَالِك».
لقد حضَر بطلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جميع المَشاهد “الغزوات” إلا بدرًا، وكان ممّن بايَع تحت الشجرة الذين قال الله تعالى فيهم: { لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا } [الفتح: 18].
وقد اشتهر عنه أنه قَتل في حروبه مائة شخص من المشرِكين الشجعان مبارَزة. واشتهر عنه أنه بارز مرزبان -أمير الفرس- في الزارة (قرية بالبحرين) فطعنه فصرعه -أوقعه من على فرسه- وأخذ سَلَبه (ما عليه من ملابس وحلية وغير ذلك) ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ؛ فَلَهُ سَلَبُهُ».

النعمان بن مقرن

إنه الصحابي الجليل النعمان بن مقرن -رضي الله عنه- الذي قدِمَ على النبي في المدينة مع أربعمائة من قومه مُزَيْنَة، فاهتزت المدينة فرحًا بهم، واستبشر بهم المسلمون، وقد هداه الله للإسلام، وهدى معه أهله وإخوته السبعة.
وقد اشتهر بنو مقرن بحب الله ورسوله، والإنفاق في سبيل الله عز وجل، والتضحية من أجل دين الله سبحانه، وفيهم نزل قول الحق تبارك وتعالى: { ومِنَ الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول إلا إنها قربة لهم  سيُدخلهم الله في رحمته إن الله غفور رحيم} [التوبة: 99].
ومنذ أن أسلم النعمان بن مقرن وهو يرفع لواء قومه مجاهدًا بهم في سبيل الله شرقًا وغربًا، فنجده في فتح مكة، وفي الجهاد ضد هوازن والطائف وثقيف، ومحاربة المرتدين ومدِّعي النبوة في عهد الصديق -رضي الله عنه-، ثم يرفع لواء قومه في موقعة القادسية والتي شهدت أروع بطولاته وتضحياته. خاض النعمان بقومه كل هذه الحروب محتسبًا أجره عند الله، وطمعًا في مرضاته، متمنيًا أن ينعم الله عليه بالشهادة في سبيله.
وكان النعمان ليّن الجانب، زاهدًا في الدنيا ومفاتنها، لا يرضى حياة الرفاهية والإمارة، بل يفضل حياة العمل والجهاد، فحين عرض عليه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- الإمارة على قبيلته، رفض ذلك واعتذر لأمير المؤمنين، ويواصل النعمان رحلة جهاده في سبيل إعلاء كلمة الحق، فكان على رأس الجيش الذي نجح في فتح البصرة ثم الكوفة، وقضى بذلك على الفرس من بلاد العرب.
و يسجل التاريخ يومًا من أعظم أيام الإسلام، يوم نهاوند سنة (21هـ)، ذلك اليوم الذي استشهد فيه أمير نهاوند، وقائد المسلمين فيها النعمان بن مقرن.
وفي نهاوند، دُفِن النعمان يوم الجمعة في سهل ممتد تكسوه الأشجار العالية، ودفن معه مَنْ استشهد في ذلك اليوم الخالد. ويمكنك أيها القارى العزيز أن تعود إلى الكتاب لكي تقرأ تفاصيل يوم نهاوند..

قائد معركة “شاول” البحرية

إنه الأمير حُسين الكردي، كان قائداً عسكرياً أيام السلطان قانصوه الغوري المملوكي. وكان حاكما لمدينة “جَدّة” بالبحر الأحمر، ثم “جزاء” من السلطنة المملوكية (القاهرة) في مصر، في أوائل القرن 16. برز كأميرٍ في الأسطول المملوكي خلال المعركة التي خاضتها قوات الإمبراطورية البرتغالية في المحيط الهندي، بعد وقت قصير من وصول البرتغاليين إلى البحر الهندي، أرسل حسين الكردي من قبل السلطان المملوكي الماضي، الأشرف قانصوه الغوري، للدفاع عن مصالحه في البحر، بما في ذلك الدفاع عن أساطيل من الحجاج المسلمين إلى مكة، ثم جزءا من السلطنة.
في عام 1508م انضم إلى مالك عياذ، قائد أسطول سلطنة گجرات، بصفته قائدا للأسطول المملوكي في معركة شاول، حيث واجها وهزما أسطول لورنسو دي ألميدا نجل نائب ملك البرتغال على الهند فرانسيسكو دي ألميدا.
بعد هذه المعركة، قاد فرانسيسكو دي ألميدا بنفسه معركة ديو في العام التالي، 1509، وفاز في المعركة وكان يسعى فيها لقتل حسين الكردي انتقاماً لمقتل ابنه لورنزو ولإطلاق سراح الأسرى البرتغاليين المأخوذين في معركة چاول في العام السابق، 1508.
في آخر أيام السلطان قانصوه الغوري المملوكي، ظهر الفرنجة البرتغاليون وعاثوا في أرض الهند، ووصل أذاهم إلى جزيرة العرب وبنادر اليمن وجدة، فلما بلغ السلطان قانصوه الغوري ذلك جهز إليهم جيشا عظيماً بقيادة الأمير حسين الكردي، وجعل له مدينة جدة إقطاعا، وأمره بتحصينها، وعندما وصلها شرع في بناء سورها، وأحكم أبراجها في أقل من عام. ثم توجه بعساكره إلى الهند في حدود سنة 921هـ فاجتمع بسلطان گجرات خليل شاه فأكرمه وعظمه.

طرغود باشا.. “وحشُ البحار الضاري”

يلقب طرغود باشا، بـ”وحش البحار الضاري”، ودرغوث هو اسمه في المعجم العربي، بينما يسمّى باللغة التركية بـ”طرغود”. كما يطلق عليه أيضا “تورغوت ريس”.
تقلد عديدَ المناصب والولايات في بلدان شمال إفريقيا، التي كانت تحت الوصاية العثمانية، حيث عُيّن بايا للجزائر وباي مدينة جربة التونسية، الواقعة في الجنوب الشرقي، وتقلد منصب الباشا في طرابلس الليبية. وقد لقّب بايلرباي بحر الأبيض المتوسط، ويعرف هذا المنصب، الذي يعد من أعلى المناصب في الدولة العثمانية، بالبكليربك أي “بك البكوات”، أو “سيد السادة”.
وذكرت عديد المراجع أن طرغود باشا قد انتقل من وظيفة ملاّح بسيط إلى مدفعي قوي في الأسطول البحري العثماني، وقام بإدارة الصاعقة البحرية لسنوات طويلة وقد حاز شهرة واسعة نظرا لقوته وبسالته التي تمتع بها، وسرعان ما انضم إلى الإخوة بربروس وأصبح الذراع الأيمن لخير الدين بربروس المعروف بالرئيس خضر.
وقاد طرغود باشا حملات بحرية شملت كثير من الدول المطلة على البحر المتوسط منها إسبانيا ومالطا وفرنسا واليونان وليبيا وتونس، أهمها حملة طرابلس الغرب، حيث فتح طرابلس وحررها من أيدي غزاة مالطا. قبل أن يُتوَفّى خلال حملة مالطا الكبرى، التي أصيب فيها بشظية في رأسه، وكان ذلك في 23 يونيو 1565.
يُـتـبَـع..