بأي ذنب قتل الطفل عدنان

عن جريمة هزت بشاعتها نفوس المغاربة

اعتدتُ التكهُّن في كتاباتي حول أحوالي وأحوال نفسي، ولكن أنانيتي في الكتابة عن نفسي وهمومي أصدرت قرارا عن الكتابة عن الأحوال المبعوثة في الجو…

لقد اهتزت مشاعري وكياني بأخبار الفواجع المتراكمة واحدة تلو الآخرى، في سنة لم ترحم لياليها إلا واجتازت الأفقَ بخيباتها، حيث أصبحنا نتطلع ونبحث عن الفرح حتى ولو تحت ذلك النفق الصغير، نريد التبسم فقط، ونأمل، و نبحث عن الأمل. وبكل معاني اليأس أكتب بقلمي ما لم يبح به فمي لأقول إن الحول لم يكن له يدٌ فيما يحصل.. وكيف يمكننا القول إن 2020 سنة الكوارث، ولكنها في الأخير مجرد رقم لا معنى له، فقط يعد كل سنة وكل يوم، حيث اجتابتني الأفكار حول كيف دائما نسعى إلى البحث عن من يمكن أن يكون السبب، و ننسى كوننا نحن السبب، إذن ما دخل الزمان والمكان بوحشية البشر؟ وما دخل العام فيما ارتكبه “مغتصب طنجة” بالطفل!

تعامَيْت ولم أكثرت حقا لما يحصل، لم تجتابني أفكاري عن الفيروس الذي لا نعلم منه ذرة ما يفتك فينا، ولم أرِدِ الحديث عن انفجار بيروت الذي تسبب في ذهول العالم وأخذ من العالم لفت انتباه أكثر من فيضانات السودان. ولا أعلم لماذا لا زالت العنصرية تجتاح دمائنا رغم أننا جسد واحد.. لم أردِ الحديث عن المديونية ولا اقتصاد العالم، لكن كارثة الاغتصاب هي الوحيدة الكفيلة بهزّ مشاعري والأخذ بها إلى الإفصاح والكتابة ..

طفل في الحادية عشر سنة، طفل لا يزال يحمل ملامح البراءة بين عينيه لا يزال يضرب الكرة وينادي رفاقه بالتقاطها طفل، لا يزال ينتظر أمه لتوقظه وتحضّر له الفطور..
طفل نعم إنه مجرد طفل فقط ثلاثة حروف أتلفظها بمشقة الأنفس، إحدى عشرة سنة ويا ويْلتاه، ويا حيرتاه، لا يعلم ما ارْتُكب عليه، بل حتى يجهل كيف يتلفظ اسم اغتصاب، لا هو ذي بنية جسدية تمكنه من الدفاع عن نفسه ولاهو عالمٌ مدرك لما يجري. طيبوبة طفل ونيته الساذجة أدت به إلى فراق جسده، تراكمت الأفكار وذهلت الأعين بما حدث وأرادت العلم كيف لشخص عادي شخص بالغ يفتك بعِرض طفل لم يصل لسن بلوغه بعد، يغتصب بوحشية وهو ينادي امي ابي أمِنْ أحد ينجدني، وهو ينادي ويسأل نفسه لماذا أنا يا الهي، وينادي الرب في السماء ويريد رحمة المغتصب، يريد التحرر ويسأل نفسه ماذا ليُعاقب، لماذا يغتصبني!!

بل حتى لا يعلم الجرم الذي ارتُكِبَ عليه.. لينتهي المغتصب ويفرغ شهوته في مدة لا تتجاوز الثواني ويقتله فتزداد الدهشة والحيرة ويزداد خيبة أمل في أمل فكم من الكلمات أخرصَت وكم من الجمل ابتُلعَت وإن صح التعبير ابتلعتها الجماهير، ولايغادر دهني حيرة الجريمة وشنيعة ارتكابها.

تقرؤون أيضاً على زوايـا
التربية الجنسية .. هل هي “الترياق المناسب” ؟

لقد جفتِ الصحف وعم الصمت وغادرتِ الكلمات الأفواه، و انطلقت الصيحات بعد ثواني الدهشة ليقر الكل ويجتمع الرأي على أن يصبحوا قضاة يتداولون حكم المغتصِب فتجد من يُشدد بالإعدام ومن يُفتي في الإخصاء فتتعددّ الآراء… لكن يصبح الشنيع حقيقة، وتُتداول الكلمات ويمر الزمان ولا قصة يخلّدها كقصتك يا عدنان!
هتف الكل باسمك ولن ترتاح النفوس حتى تتحرر براءَتُك … فسلامٌ من الأحياء لك، فلتمرح في ديارك الخالدة وتنعم بريح الجنان.

مريم بنعبد الله

بأي ذنب قتل الطفل عدنان

مريم بنعبد الله

طالبة جامعية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *