الجرّاح الزهراوي، بن فرناس ومكتشفُ أمريكا.. عظماءٌ بعِلمهم؛ كلٌّ حسب تخصّصه #19

لم تقتصر عظمة أمة محمد صلى الله عليه وسلم في ساحات المعركة فقط، وإنما ذاع صيتُ المسلمين في العلوم أيضا؛ وأبطالنا لهذا اليوم عظماءٌ بعلمهم، كلٌّ حسب تخصصه.

 مؤسّس علم الجراحة

أبو القاسم الزهراوي عالم مسلم عظيم قل نظيره في تاريخ العلوم الإنسانية، أنصاري الأصول، أندلسي الثقافة وقد عاش في قرطبة عاصمة العالم في التقدم العلمي وقتها، ويطلق عليه الغرب اسم “Albucasis”.
مؤلف كتاب “التصريف لمن عجز عن التأليف” الذي كان المرجع الأول لطلبة الطب في أوروبا لقرون عدة، وقد وضع الزهراوي في مؤلفه هذا حصيلة 50 سنة من الخبرة في ممارسة الطب، وقد غطى المؤلف تخصصات عديدة؛ أهمها طب الاسنان وطب الولادة، وتجد فيه الوصف التشريحي والتصنيف الدقيق لأعراض حوالي 325 مرضا وعلاجاتها.
وقد تُرجم هذا الكتاب الي اللاتينية في القرن الثاني عشر، وظل يستخدم ل5 قرون في أوروبا العصور الوسطى. وقد اعتبر المصدر الأساسي للمعرفة الطبية بأوروبا، وقد أعيد طبعه حتى النصف الثاني من القرن الثامن عشر الميلادي.
ويشتمل كتاب الزهراوي على صور توضيحية لآلات الجراحة والتي لا زالت تستخدم ليومنا هذا، وعلى أدوات الجراحة التي صنعها ورسمها وحدد طريقة استعمالها وشرح ما يفسد الجراحات وما يتوقف عليه نجاحها.
ولا زالت تقنيات الزهراوي تُستخدَم في خياطة العمليات الجراحية. والزهراوي هو أول طبيب يصف الحمل المنتبذ، وأول طبيب يكتشف الطبيعة الوراثية لمرض الناعور، وهو صاحب عملية القسطزة ومبتكر أدواتها، وهو أول من صنع خيطانا لخياطة الجراحة، وهو اول من استعمل القطن لإيقاف النزيف.
وقد وصف مؤرخ الطب العربي دونالد كامبل تأثير الزهراوي على أوربا بقوله “ألغت طرق الزهراوي طرق جالينوس، وحافظت على مركز متميز في أوروبا لـ 500 عام، كما ساعد على رفع مكانة الجراحة في أوروبا المسيحية”. ويقول بيتروا غالانا في حق الزهراوي، “بلا شك هو رئيس كل الجرّاحين”.
أبو الجراحة الحديثة، الزهراوي بطل في ميدان الجراحة، وأهل الفضل والدين والعلم.. فالعلم الصحيح يقود بلا شك إلى الإيمان الفعلي والسليم.

عباس بنُ فرناس.. أوّلُ مَن حاوَل التحليق

مِن غرفة العمليات إلى مركبة الفضاء، ومن الجرّاح العظيم الزهراوي إلى عباس بن فرناس “أول رائد فضاء في العالم”؛ كما وصفه الكاتب الترباني.
عباس بن فرناس عالم إسلامي ينتمي إلى العنصر الأمازيغي الأصيل، وقد ظهر في الأندلس نبع الحضارة الإنسانية. عباس بن فرناس لم يكن أول رائد فضاء في التاريخ فحسب، بل كان شاعرا وفلكيا وطبيبا وصيدليا وكيميائيا و فيزيائيا وفيلسوفا ومخترعا فذّاً.
فقد كان أول من اخترع صناعة الزجاج من الحجارة والرمل، واخترع أيضا آلة لقياس الزمن وآلة للرصد الفلكي.
إن الغزو التاريخي الذي تعرض له بطلنا بن فرناس يتجلي في تجسيده في صورة مجنون ضيّع حياته في محاولة طيران فاشلة!.. رغم أنه استطاع أن يحلق في سماء قرطبة قبل أن يهبط على الأرض دون أن يموت..
وهنا استحضر الكاتب ما قاله درابير عن المسلمين: “ينبغي أن أنعي على الطريقة التي تحايل بها الأدب الأوروبي ليخفي عن الانظار مآثر المسلمين العلمية علينا! إن الجور المبنى على الحقد الديني والغرور الوطني لا يمكن أن يستمر إلى الأبد. 

المكتشف الحقيقي لأمريكا

يقول البروفيسور ليون فيرنيل في كتابه”إفريقيا واكتشاف أمريكا”، إن كريستوفر كولومبوس كان واعياً الوعي الكامل بالوجود الإسلامي في أمريكا قبل مجيئه إليها”.
لقد اكتشف الأتراك عن طريق الصدفة خريطة قديمة مرسومة على جلد غزال، خريطة تعود للبطل “بيري ريس”؛ وهو قائد بحري اسطنبولي المولد، كان يشارك عمه عملاق التاريخ البحري في خرجاته الفتوحية، وإضافة إلى جهاده البحري كان موهوبا في الرسم. 
إن الخريطة التي وجدها الأتراك هي أقدم خريطة لأمريكا مفصّلة لها على الإطلاق، وقد سبق بيري ريس الكثيرين في الوصول إلى أمريكا قبله (بحّارة الفايكنغ)، إلا أن بيري ريس كان أول من وضع خريطة علمية مفصلة للقارتين الأمريكيتين، مما يعطيه الحق بأن يطلق عليه “المكتشف الحقيقي لأمريكا”، خاصة وأنه وضع خريطة تصف بدقة بالغة حدود السواحل الشرقية للأمريكتين، إضافة إلى تضمُّنِها تفاصيل بيئية وجغرافية بالغة التعقيد.
ويمكنك أيها القارئ العزيز العودة للكتاب، حتى تقرأ بالتفصيل عن الدلائل التي تثبت اكتشاف المسلمين لأمريكا قبل كولومبوس.
 
    يُتبع ..