الحياة أرزاق وليست حظوظَا

لعلّ الحظ من بين أبرز الكلمات التي تُذكر على مسامعنا كل يوم. أحياناً، يكون بإمكانك فهم حل معادلة من الدرجة الخامسة ولا يمكنك فهم المعنى الحقيقي لكلمة “الحظ”، الذي يربط بعض الناس حياتهم به. فهناك من يَعتبر الحظ سببا رئيساً في تغيير حياته سواء إلى الأحسن أو إلى الأسوأ، بينما يرى آخرون أن الحياة حظوظ موزّعة بشكل غير متساوٍ وغير عادل. 
في الحياة ودروبها، نجد أشخاصاً حظهم وافر بينما حظ الآخرين قليل؛ فالطالب الذي يسهر الليالي الطِّوال من أجل تحضير امتحان الولوج إلى معهد ما، ويفشل في الأخير يقال عنه “سيء الحظ”، والرجل الذي كان ذاهبا إلى عمله، فإذا بسيارته تقف في نصف الطريق دون سبب فإن حظه عاثر، والفتاة التي تتزوج بشاب غني ووسيم يُقال عنها “جد محظوظة” .. 
كلها أمثلة تملأ واقعنا اليومي، فقد أضحينا نعتبر كل تقدم في حياة الآخر ضربة حظ، وكل إخفاق هو من سوء الحظ. إن ذلك الطالب الذي لم يُوَفّق في اجتياز الامتحان الذي حضّر له كثيرا، بعد سنة تم قبوله في المعهد نفسه، لكن ظروفه كانت أحسن، وبالتالي خوّلت له النجاح سنة بعد سنة حتى التخرج. وذاك الرجل الذي تعطلت سيارته وسط الطريق، وعدم ذهابه إلى العمل كان سبباً في عدم رفضه نظرا لوقوع مشاكل في العمل ولو قَدِم إلى عمله في الوقت المناسب كان سَيُلام عليه هو فقط. وتلك الفتاة التي تزوجت بشاب غني وسيمٍ هو بمثابة تعويض لها لما عاشته من قسوة وبُخل أُسري ؛ فكل ما سبق أرزاق وليست حظوظاً. هناك أرزاق قد تظهر لنا في البداية على شكل صعقة، لكن نكتشف في ما بعد أنها كلها خير، فليس هناك ما يسمى حظا في الدنيا، لأن ليس هنالك كمان للعشوائي في هذه الحياة، وكل شيء يحدث لسبب ما ولا يمكن لهذه الحظوظ أن تقصدك دائما، وتترك غيرك. 
إنها كلها أرزاق قُسِّمَت بمشيئة الخالق، ولا يمكن للبشر أن يتحكّموا فيها، بينما مفهومُ الحظ الحقيقي يظل هو الحظ الأخروي. فقد صنّف ووَصَف الله تعالى الفائزين بالجنة بأنهم “أصحاب الحظ العظيم”؛ ذلك أن مهما حدث من شيء عظيم في حياتك فلا يعتبر حظا، إذا ما قُورِنَ بالمحظوظ الحقيقي الذي سيحظى بلقاء خالقه ورؤية وجهه الكريم، فاسْعَ، إذاً، أن تكون من المحظوظين الحقيقين، ولاتحاول أن تربط أخطاءك في الحياة بسوء الحظ، بل اِعمَلْ على إصلاحها واعمَل بجدّ وجهد، وكن متيقناً مِن أن رزقك الذي سعيت من أجله سيُدرِكُك حيثُما كنت..

 

خديجة عبد الجبار

طالبة جامعية ومدونة خواطر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *