الكرة المغربية بين نزوة الاحتراف ونوستالجيا الهواية

هل تطورت الكرة المغربية فعلا؟
هل اجتازت مرحلة الهواية ؟
هل التسيير الكروي والممارسة يعكسان فعلا ذلك؟
كلها أسئلة يطرحها المتتبع لشؤون الكرة المغربية ثم يشرع بعدها في البحث عن عناصر الإجابة مستمعا بين الفينة والأخرى لتصريحات المسؤول ثم مشاهدا لما تقدمه أقدام اللاعبين خلال مباريات الدوري الإحترافي في نهاية الأسبوع.
أكيد أن هناك طفرة على مستوى البنية التحتية مقارنة بالسابق ولنا في الملاعب الكبرى التي شيدت مثال واضح للتطور الحاصل كما أن الطرقات ووسائل النقل متاحة بشكل يسهل للمشجع الوفي التنقل بين المدن المحتضنة لمباريات الدوري المحلي وهذا ما يجعل المغرب في مصاف الدول المتقدمة على المستوى الإفريقي في هذا الجانب. إلا أن بقية التفاصيل الصغيرة التي عادة ما تصنع الفرق في الحكم على جودة الإحتراف الكروي لم تواكب نفس التطور ولم تنسجم بعد مع ما يصبو إليه الإتحاد المغربي ، بدليل أن النقل التلفزي للبطولة المغربية لم يتغير منذ مدة طويلة على مستوى التوظيب والأدوات التقنية المستعملة كما أن طرق تقديم المباريات تلفزيونيا لم تتغير كثيرا بخلاف ما هو عليه الحال في بلدان عربية شقيقة رائدة في هذا المجال. أضف إلى ذلك مستوى التعليق الرياضي الذي يكرس النمطية ويساعد في الكثير من الأحيان على النوم أثناء مشاهدة المباريات.
ومن مظاهر الهواية التي لا زالت تنخر الكرة المغربية كذلك برمجة المباريات التي يغيب عنها المنطق في بعض الأحيان لتُتهم بمحاباة فرق على حساب أخرى ما يترتب عنه احتجاج جماهير الفرق المعنية و بالتالي ظهورحالات شغب في العالم الإفتراضي عبر التراشق بين جماهير الفرق الشيء الذي يترتب عنه انتقال الأمر إلى تكسير و تخريب في محيط و داخل الملاعب، ثم هناك الأداء الباهت لبعض الحكام الذي يؤثر سلبا على مستوى إيقاع المباريات، إضافة إلى الإتهامات التي يخرج بها بعض المسيرين بعد نهاية المقابلات حتى صار العديد من المشاهدين يدعم فرضيات المؤامرات و يدعي أن مصير اللقب وهوية الفريقين المهددين بالنزول هما نتاج لسيناريو “مخدوم” سلفا.
التقط الإتحاد المغربي الإشارة ربما متأخرا و سارع جاهدا في الأيام الأخيرة لتنظيم مجموعة من اللقاءات مع الفئات المتداخلة في الميدان حتى يتم تفادي هذا اللغط الذي يعبث بنزاهة المنافسة مستقبلا إلا أن المشاكل نفسها عادت لتطفو مجددا على السطح، و هذا يدفعنا ربما إلى التساؤل: هل ذلك مرده خلل بنيوي أم هو مشكل يرتبط بعقلية أطراف متداخلة في اللعبة لم تستوعب بعد معنى الإحتراف؟ 
خارجيا كذلك، كانت الكرة المغربية تشتكي في السابق من غياب تمثيلية على مستوى الإتحاد الإفريقي تدافع عنها في لحظات كانت تتعرض لكل أشكال الظلم لا على مستوى قرارات التحكيم أثناء المباريات أو القرارات التنفيذية المجحفة إلا أن الأمر تغير بوصول الرجل الأول في الإتحاد المغربي لكرة القدم لمنصب نائب الرئيس الإتحاد الإفريقي لكرة القدم في إنجاز تحقق خلال ظرفية وجيزة مكنت من إقبار إمبراطورية الكاميروني عيسى حياتو. غير أن ذلك ترتب عنه بروز معارضة من جانب بقايا الإمبراطورية أو التنظيم السابق وكذلك من طرف بعض المنافسين الحالمين بالحصول على نفوذ أكبر داخل الإتحاد الإفريقي وهذه الأمور برزت بشكل واضح بعد حالات تحكيمية شهدتها بعض المباريات لتخرج تصريحات لمدربين ومسؤولين منافسين شككوا في نزاهة المقابلات التي كانت الأندية المغربية طرفا فيها. هذا يدعنا الأمر لنطرح تساؤل آخر: هل ولوج السيد فوزي لقبة الكاف عاد بالنفع على الكرة المغربية أم هو قرار سيضعف مكانتها مستقبلا؟ كل هذا ستجيبنا عنه الأيام القادمة.
أملنا الكبير أن تعيش الكرة المغربية زمن الإحتراف الحقيقي بعيدا عن تكرار تجارب نجاح قصيرة عديدة كانت مجرد إملاءات لنزوات شخصية عابرة.
 
Exit mobile version