حرب أخرى

عن حروب القوقاز

حرب أخرى اشتعلت في براثن القوقاز، حرب أخرى تلت حروبا سابقة ما فتئت أن هدأت.
البركان الخامد الذي قد يثور في أية لحظة.. ليجر الكل إلى بركة دماء لا تنتهي.
القوقاز ذلك المكان الشاهد على أقصى وأغرب الاختلافات العرقية والدينية التي استطاعت أن تتعايش مع بعضها البعض رغم الأحقاد الدفينة، يشتعل مرة أخرى؛ فلا تكاد تمر سنوات هادئة حتى تشتعل حرب هناك. فمن حروب الاستقلال عند السفيات الى الحرب الشيشانية الأولى والثانية مرورا بحروب جورجيا وروسيا وحروب أرمنيا وأذربيجان التي لا تكاد تخمد نيران حرب بينها حتى تشتعل أخرى..

فالكل هناك له تفاصيله ومبرراته وأحقاده التاريخية التي لا يمحوها زمن ولا تتآكلها الايام. فالتمييز العرقي والديني هناك يكاد يكون خليطا مستحيل التعايش تحت أي نوع من أنواع المعادلات التي يمكن أن ينتجها أي حوار كان، فبوجود قوميات متعددة كالفرس والترك والروس وتاتار وونوتشي والأرمن كقوميات رئيسية الى جانب الطوائف والمذاهب الدينية التي تلعب دورا حاسما في دق طبول الحرب بين الفينة والأخرى…

نخلص إلى أن نتيجة أي حرب تشتعل هناك لا يمكن توقع نهايتها مهما كانت الإمكانيات العسكرية للطرفين.
فالحرب التي اشتعلت قبل أسبوع بين أذربيجان وأرمينيا حول إقليم ناجورنو قره باغ ما هو إلا نتيجة صراع طويل بين الطرفين، فهذا الإقليم الذي تعتبره أرمنيا إقليما مستقلا عن أذربيجان ويمثل لها عمقا إستراتيجيا في الأراضي الأذرية تراه اذربيجان وتركيا والأمم المتحدة إقليما محتلا من طرف الأرمن منذ سنة 1994 بل وصدرت عدة قرارات من مجلس الأمن تدعوا الأرمن للانسحاب. ورد الإقليم للأذريين الذين يتهمون الأرمن بارتكاب مجازر في حق السكان الأذريين المسلمين إبان حرب 1991-1994 والتي خلفت آلاف القتلى.. وخسرت إثرها أذربيجان الإقليم وأراض أخرى، أي ما يمثل مجموعة 20 في المائة من المساحة الإجمالية للأراضي الأذرية حسب وثائق الأمم المتحدة والتي تحدد الحدود الدولية لكل طرف.

ورغم انتهاء الحرب سنة 1994 إلا أنها اشتعلت بشكل متقطع على مدى السنوات الست وعشرين الماضية قبل أن تنفجر بشكل مفاجئ الأسبوع الماضي.

أذربيجان المدعومة هذه المرة بتركيا والتي أصبحت تشكل رقما صعبا في المعادلات الدولية، أقوى مما كانت عليه. أذربيجان التي خضعت لشروط وقف النار سنة 1994 اليوم تتكلم بلهجة المنتصر.. ففي الوقت التي باتت أرمينيا تقول أنها تقبل الحوار ترفض أذربيجان رفضا قاطعا أي حوار لا يؤدي إلى انسحاب الجيش الأرميني من الإقليم كاملا والأراضي المحتلة متسلحة بالدعم التركي العسكري والقوانين الدوالية التي تعطيها الحق في تحرير أراضيها من الاحتلال عدا إن وجهت ضربات قاصمة للجيش الأرميني الذي يعيش الصدمة والخوف أيضا من أن يقوم الجيش التركي بالدخول في المعركة ما قد يؤدي إلى وضع أرمينيا في فم الكماشة، الأمر الذي قد يجر الروس والاتحاد والدولة التركية وحلفاء أرمينيا الى حرب شاملة في منطقة لا يمكن توقع نتيجتها.

حرب أخرى

سهيل المعطاوي

من أعضاء زوايا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *