يوميات صحافي فاشل

مشروع صحافي فاشل يأتي متأخرا كل يوم فيرقب السكارى والحمقى يتربصون به آخر الليل. يصعد عبر درج اﻹقامة فالمصعد معطل، يفتح باب الغرفة البئيسة، يجد مصباحها معطلا بدوره ومعلنا الظلام، يستعين بمصباح الهاتف.. كل شيء مبعثر، كتب، أدوات تحضير القهوة، رواية مائة سنة من العزلة، مناديل السعال يراها فيسعل وتحت وسادته البؤساء؛ تذكره بالبؤس القابع خلف بابه.
يرمي معطفه ويرتمي فوق أريكته التي تلعنه كل يوم وتتمنى موته لتستريح من جسد بلا روح لا يفهم معنى الحياة ولا يعيشها، فجأة يتذكر حوارا دار بينه وبين زميله عن فكر الجابري والعروي، يُقَلب بين كتبه، يأخذ ورقة وقلما ليدَوِّن فكرته ثم ما يفتأ أن يمزق الورقة ويرمي القلم.. يراوده اسمها فيتصل بها ويقرأ عليها قصاصات ورقته وقد أعاد جمعها .. ينيخ سمعه عند صوتها المنساب عبر الهاتف وهي توبخه وتنتقد رداءة لغته، لطالما ذكَّرته بأيام الابتدائي وقسوة المعلم؛ تُعيد له مقاله بإبتسامتها المعهودة..النص جاهز.
يفتح النافذة، يشعل سيجارته البئيسة ويقبل فنجان قهوةٍ تُرك أسبوعا قرب النافذة، يتأمل السماء ويدخن السيجارة كمجرم فار ..ويفكر في ثمن تذكرة القطار، يراقب ساعته: حانت ساعة الخروج. يبحث عن مفتاح الغرفة وسط هذا الظلام الدامس، يمَل البحث فيركل الباب ويخرج مسرعا.
يأخد سيارة أجرة صغيرة لتُقِله نحو المحطة، يتذكر موعده مع صديقته اليوم، يفرك أصابعه محاولا إيجاد عذر مقنع، يصل المحطة متأخرا فيجد القطار قد مرَّ كما مر قطار حياته من قبل، يعود جارا خيبة أمله ومنتظرا توبيخ صديقته ورئيس تحرير جريدته، يدخل الغرفة، يرن الهاتف.. الرئيس يتصل، وبعد ذلك ترِد رسالة صديقته .. يُغلق الهاتف ويخلد للنوم وقد تربعت الشمس بكبد السماء لينهض مساءً وقد أرخى الليل أستاره، فيتوجه للمقهى حيث ينتظره رفاقه، ويغمز للقدر مبتسما ومنتظرا أن يعيد أمسه نفسه..
 

حسن قديم

باحث بسلك الدكتوراه- جامعة سيدي محمد بن عبد الله رئيس تحرير موقع فبراير.كوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *