ذرة الإيمان

حبل الله هو الحبل المتين

كنت أسير في الطريق الصحيح، كانت حياتي حافلة بالإنجازات تلفها الغبطة والسعادة، كنت متشبثا بحبل الله، أو ليس حبل الله هو الحبل المتين؟! كنت أستمد منه القوة لتدمير كل المصاعب والعراقيل التي تواجهني ولو كانت مثل الجبل الشامخ ومن ثم أكمل طريقي بهمة.

كنت أيضا بارا بوالدَي، نعم الإبن، وكان ذلك سرا من أسرار فلاحي، أتذكر عندما كنت أقع وكأن شيئا ما يشد بيدي حتى أنهض وأقوم بعزم أقوى وأصلب مما سبق. أو تدري ما هو ذاك الشيء؟! نعم، إنه دعاء والداي لي في كل وهلة؛ هو الذي كان يدفع البلاء ويفتح أبواب النجاح. لقد اشتقت للبسمة التي كانت تغمر محياهما عندما أحقق إنجازا ما، كما اشتقت لتقبيل يديهما، اشتقت لحضن أمي وحنانها، اشتقت لحب أبي لي ونظرته التي تبعث الطمأنينة في قلبي، حتى معاملتي مع الناس كانت حسنة كنت محبوبا لدى الجميع.

فجأة، انقلبت حياتي رأسا على عقب. كان في البداية مجرد خطأ بسيط، ثم كبر وكبر حتى أصبح مثل النار في الهشيم يحرق حياتي حتى فقدت طعمها. لقد اعترض طريقي الذي كان ملونا بألوان السعادة، شياطين إنس متنكرون بزي المحبة ظننت أنهم أناس طيبون. خطوة بخطوة حتى ظللت الطريق ووجدت نفسي داخل متاهة يحوم بي الوحوش، إنهم الذين ظننت بهم الحسنى في البداية.

لقد أفلت حبل الله، فأصبحت سحابات الحزن والخوف تكسو حياتي، وألوان البهجة التي كانت تنير طريقي تبددت. حاولت الفرار مرات عدة لكن بدون جدوى، لقد أمسكو زمام أمري فأفلت الترياق الذي يقضي على سمهم وخبثهم، وهو القرب من الله، كلما حاولت الإفلات من قبضتهم أصابوني بسهم جمد قواي، كنت أحس بحبال تجرني نحو الأسفل لأسقط، حتى سقطت في مستنقع لم أستطع الهروب منه، لقد انغمست في الذنوب وتلطخت بالمعاصي حتى أصبحت أشمئز من نفسي. كل يوم، كل لحظة، أطعن، إن قواي تتلاشى وقلبي ينزف دما من كثرة الألم، لم يعد لي في الدنيا أحد ألتجئ إليه.

والداي أسأت إليهما، أسأت للتي حملتني في بطنها تسعة أشهر، أسأت للتي تسهر الليل كله مستيقظة عندما أمرض، أسأت للذي يكافح من أجل أن أعيش حياة رغيدة، أسأت للذي يبدل قصارى جهده من أجل أن يرى البسمة على وجهي. تدمرت علاقاتي، لم أترك أحدا لم أشتمه أو أجرحه بلساني.

لا أدري لماذا فعلت هذا؟ هل كنت أعمى أم ماذا؟ فأين الملجأ ؟؟ وأين المفر؟ إن قلبي يحترق مثل الجمرة الملتهبة. لقد أصبحت في حيرة من أمري، إن الرجوع مؤلم، والوقوف مؤلم، والتقدم أشد ألما.

حياتي أصبحت مثل القفص، لقد ضاقت علي الدنيا بما رحبت، فأينما حللت أرى الظلمة الحالكة. وبصوت خافت رقيق ينبع منه الطيبة والطمأنينة أجابني أحدهم قائلا:” عد إلى رشدك، وابحث جيدا، فهناك بريق أمل “.

أجبت: من أنت؟!

رد قائلا: أنا ذرة الإيمان التي في قلبك، لا تستهن بي إنني المشعل الذي سيضيء عتمتك.

أجبته: هل قلت الإيمان ؟؟

قال: نعم الإيمان، الإيمان بالله وبرحمته وبقدرته، وبأنه هو من يهدي عباده إلى الطريق السوي

أجبته وعيني تفيض من الدمع: كيف سألقى الله وكلي ملطخ بهاته القذارة لقد استحييت من نفسي؟

أجابني: إن الله رؤوف رحيم، إلتجئ إليه بقلب صاف كله حسرة وندم يلتمس توبته ويرجو عفوه، وكن على يقين ستنجو من هاته الظلمة، إن الأوان لم يفت بعد، فلتسارع نحو التوبة، فلازلت في ريعان شبابك،لازال الكثير أمامك، والحياة دار امتحان، انهض وبإيمان وهمة وعزيمة ويقين أسرع نحو التوبة والفوز.

وبعد حين… أصبحت تلك الهموم من الماضي ولله الحمد، لقد تعلمت درسا لا يضاهيه شيء، لقد كنت أموت شيئا فشيئا مخافة أن أفارق الحياة وكلي مدنس بتلك الذنوب، لكن رحمة الله وسعت كل شيء. ها أنا عدت وعادت لي الحياة من جديد، وعاد كل أحبائي إلى جانبي، أمي، أبي، و كل الناس الطيبين الذين عرفتهم.

ها أنا أغدو نحو الأمام لأحقق أحلامي، لقد أصبح الإيمان يتدفق في شراييني، وأيقنت معنى الفوز الحقيقي، وتذوقت لذة الحياة الرغيدة الهنيئة التي تظللها ظلال الإيمان. فقد غدت حياتي مزركشة بألوان الغبطة والفرحة، وبصيرتي أنارت وتلاشى غشاء الظلال والحيرة تمزق، وأغلال الظلم والظلام التي كانت تقيدني تكسرت. فما أجمل الحياة عندما يكون قلبك متشبعا بالإيمان.

ومن كل هذا، استخلصت أن التشبت بحبل الله هو السبيل للفوز بالدارين(الدنيا والآخرة)، واعلم (ي) أختي القارئة /أخي القارئ أنه مهما تراكمت عليك الذنوب وغلقت في وجهك الأبواب وظننت أنه لم يعد لك ملجأ فإن باب الله لا يغلق في وجه التائبين، فلا تتردد…

ذرة الإيمان

شيماء صبان

طالبة ماستر رياضيات تطبيقية و علوم البيانات

تعليق واحد

  1. رسالة جميلة،هادفة ومؤثرة تشع بداخل كل حرف من حروف كلماتك شكرا جزيلا لك على سردك الجميل وكتابتك الأجمل أتمنى لك مسيرة موفقة وحافلة بالإنجازات أنتظر المزيد من كلماتك 👍👏❤

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *