عندما تكون الأسرة مثقفة

الأسرة منطلقُ الحضارة

طوبى لمن كانت له أسرة جعلتْ من القراءة ضرورة من الضروريات وليست هواية كما يعتقد البعض، وهنيئاً لها بهذا المبدأ الذي اتخذته أولى الأولويات، والذي لا يمكن الاستغناء عنه بأية حال من الأحوال. إذ القراءة -بالنسبة لممارسيها- رمز للوعي وشعار للنمو الفكري والأخلاقي للإنسان، باعتبارها ذلك المبدأ الأساس الذي لا يتغافل عنه مَن تربى وترعرع في كنف أسرة مثقفة، والذي يتحلى به كل عاقل يعزِم كل العزم على معرفة ما جهل في ماضيه وتصحيح ما تراكم عليه من مفاهيم خاطئة.

ومما لا شك فيه أن للقراءة اعتبارا لا يوجد في غيرها؛ ففيها من المزايا ما لا يُعدّ ولا يحصى، إذ يكفي القارئ أن يأخذ منها أشياء جديدة لم يكن يعرفها في سابق عهده، ويتزود من خلالها على بعض الـمعلومات الـثمينة التي لا توجد إلا فيها، ويستفيد منها عن طريق تحسين مستواه فكرياً وثقافيا، ويتلقى على غرارها أفكارا تختلف باختلاف أصحابها، وينتقد بعض الأفكار التي لا تُناسب خلفيته ومرجعيته، إلى غير ذلك من المزايا العظيمة والجسيمة التي تحظى بها القراءة.

وغالب الأسَر التي اتخذت من القراءة مبدأ أساسًا وركيزة مُثلى، خلقَتْ لنا أفرادا يحملون رسالة كبيرة على عاتقهم، ناهيك عما يتلقونه من معارف ومكتسبات في المدارس والجامعات، وإن كانت هذه المعارف لا تشفي غليل جهلهم ولا تسمن ولا تغني من جوع، إلا أنها مفاتيح لأبواب البحث والتحصيل الدائم وغير ذلك؛ لأن المعرفة تؤخذ من عدة مناهل، أولها الأسرة المثقفة التي تحرص أشد الحرص على توفير الإمكانيات المساعدة على الدراسة والتحصيل التي غالبا ما تتجلى في المكتبة المنزلية التي تزخر بكل ما يحتاجه الفرد من كتب ومراجع ومؤلفات في مختلف التخصصات والمشارب المعرفية.

إننا وبكل ثقة كبيرة لنأمل الأمل كله في الأسر لينهضوا بالأمة من سباتها، ولِيجعلوها أمة علم وحضارة، وليَعْرُجوا بها إلى مشارف الرقيّ ومدارج الوعي. ولن يتأتى هذا إلا بخلق صحوة علمية من النشء الذي انتدب عنفوان شبابه في الطلب والجد والمثابرة في التحصيل، وكـرّس حياته للعلم والعمل نـحو تحقيق الغايات ومُناشدة الأهداف.

حمزة كرزازي

عندما تكون الأسرة مثقفة

Exit mobile version