متميز ومختلف

رأي حول ذوي الاحتياجات الخاصة

يجر حقيبته بتثاقل نحو المجهول فرارا من أعين محيطه المليئة بالشفقة وألسنتهم التي لا تخلو من كلمة “معاق” عوض “متميز”. تلك الأربعة أحرف التي لا نعلم من أي قاموس أو لغة اقتبسوها ومنحوها دور نعت وإهمال إنسانية “ذوي الإحتياجات الخاصة“.

يفكر هذا الأخير في ذنب لم يقترفه أبدا ويحاسب نفسه على تقصير يجهل جوانبه، فحتى والداه اللذان يلجأ لحضنهما احتماءً من قساوة العالم، قد حملاه مسؤولية خلقته؛ ليصل في آخر الطريق لفكرة الانتحار أو قمع شخصه في ركن مهجور، مادام هو الحل الأمثل للتخلص من كل هذه الدوامات السوداء السامة.

نيكولاس جيمس فيوتتش، أحد المتميزين، قاهر الإعاقة والمستحيل

طفل أو طفلة، شاب أو شابة، امرأة أو رجل، بمختلف الأعمار والأجناس والعقائد والثقافات، حرموا من أبسط حقوقهم وإنسانيتهم، حاولوا إبادتهم وسحب هوية الفرد المواطن منهم. إنسان إذا أردنا وصفه لن تكفي كل صفات الإنسانية من ذكاء ونضج ووعي.

هم نوابغ لم يفهم المجتمع المتخلف حاجياتهم ولم يتقبل تميزهم، بل يحاول تبرير إعاقة عقله من خلالهم، ذاك المجتمع الذي لن يتجاوز درجات جهله ولن يتقدم أبدا إذ ستصبح اللاإنسانية لقبه المقبل مادام العقل منبوذا داخله والتميز محكوما بالإعدام.

التعلم، المشاركة في الحياة الجماعية والتعبير عن الرأي؛ حقوق بسيطة من كل ما تم حذفه ببشاعة أمام أعين هؤلاء المتميزين، وإن صح القول، هي جريمة اقترفت منذ سنوات إلا أن الجاني لم يحاكم بعد، إذ حتى ملف القضية لم يفتح بعد للتحقيق مع شاهد ومشارك في الحدث. وبناء على ذلك، منحت الإشارة الخضراء لممارسة هذه الجريمة بمختلف الطرق، أمام العلن وبكل فخر. ففي كل يوم وكل دقيقة تقتل آلاف الأحلام وتغتصب دون رحمة، يعترض قطاع الطرق سبيلها ويرغمونها على التراجع عن تميزها وإلا سلبت أبسطَ ما تبقى بحوزتها من حقوق.

ما سبب هذا الجفاء؟ كيف ترسخت هذه التبعية؟ وأين تلك القلوب الهشة؟ كلها أسئلة شوشتني وأقراني وجعلتنا نفتخر بإنجازات “ذوي الاحتياجات الخاصة” ونستمتع بتميزهم ونتقبل اختلافهم. ربما هي كلمات بسيطة غير ملموسة لكنها كفيلة بضمان حياة قتلوها بنظراتهم الفارغة.

متميز ومختلف

وئام حمادي

طالبة هندسة ومدونة

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *