العاصفة

تساؤلات وهواجس

تلك السطور التي أنحتها بدقة غالبا ما تكون تحت غطاء نومي، مرقونة على شاشة هاتفي الذي تنبعث منه أشعة تقاومها عيناي.. أكتب حسب الرغبة.. حسب الحاجة.. لا أكتب حسب الطلب.. لكنني اليوم كتبت تحت العاصفة.

ما أحسه الآن بالضبط يشبه الجو بالخارج، برد قارس، تساقطات مطرية تكاد تتسبب بفيضانات نظرا لرداءة البنية التحتية لمدينتي الجميلة.. شوارع مهجورة مخيفة.. وأنا.. أنا وحيدة أمشي منتشية بكل هذا، غير آبهة بمعطفي الذي تبلل بماء المطر ولا بحذائي الذي بات يمرر شيئا من الماء أيضا.. ولا بالشوارع الخالية.. أمشي غير مهتمة بأي شيء..
لكنني تعبت.. أرهقني المشي وأضعفني صقيع البرد.. وابتُلت ملابسي فلم تعد تقيني شيئا.
جلست.. أنتظر أن تهدأ العاصفة، بعدها فورا سأكمل طريقي لمخبئي الصغير.
روحي تتنفس الآن، تريد الانزواء، كغزال صغير مجروح يعزل نفسه ليداوي جروحه.. تماما كذاك الغزال..
روحي استنزفت لدرجة أنها أصبحت تنتشي بالشوارع الخالية، بالصمت، بالصقيع.. أصبحت تنتشي بكل الأشياء المتطرفة..
استنزفت لدرجة أنها لم تعد قادرة على رؤية أي شيء، لم أسمع نجواها منذ مدة، لم تحدثني لم تخبرني بكم الصفعات التي تلقيتها بآخر فترة..
كنت مشغولة لدرجة جعلتني أنسى كل شيء..

صورة تعبيرية

في الحقيقة أنا لا أريد أن أكتب، لأن لا أحد سيفهم معنى خزعبلاتي هذه. لأنني وبكل بساطة كلما كتبت وأنا على علم مسبق بأن أحدهم سيشاركني قراءة ما خط حبري، إلا وتشنج القلم بيدي، إلا وأصبحت هجينة اللغة والأسلوب، إلا وأصبح كلامي مغطىً بالضباب وإحساسي مغلفا بالجنون.. إلا وصرَف القارِئ النظر عن الاطلاع على السواد الذي يملأ بياض ورقي.. إلا وبدوت شخصا آخر غيري..

أستطيع أن أنهي كل هذه التساؤلات بانتهاء العاصفة، أستطيع أن أجزم أن لا شيء يعجبني، ولا شيء يروقني ولا أنني أنتمي روحيا لهذه البيئة التي تحتويني.. أنني ومع كل محاولة لي بالتجديف نحو اليابسة أبتعد أكثر وتأخذني الأمواج نحو المحيط.. لأقتنع بعد ذلك بأن لا شيء سيكون أكثر وفاء لي من فنجان الحليب بالشكولاتة الدافئة، ولا شيء دائم لي أكثر من حرفي الذي يؤنس وحدتي التائهة.. ولا شيء يغطيني بحبه أكثر من كتابي الذي أعتنق.. ولا شيء سينقذني أكثر من صمتي المتواصل وسط ضجيجهم.

العاصفة

سارة صالح

مدونة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *