أزمة اللاجئين بالسويد – 2

بين صعود "SD" اليميني و تراجعات "دبلن" المرتقبة

لقراءة الجزء السابق: الجزء الأول

يبدو إذن أن “السر” الذي أشار إليه زعيم حزب SD بالسويد هو تبنيه هذا الخطاب المبني على شيطنة المهاجرين وتحميلهم مسؤولية أزمة السكن، الشغل وتراجع بعض خدمات دولة الرفاهية الشيء الذي يفسر تشكل قاعدته الانتخابية أساسا من المتقاعدين وأصحاب المهن البسيطة من خلال تبنيه شعار الوزير الأول سابقا، الفرنسي Michel Rocardنحن لا نستطيع استقبال كل بؤس العالم”. هذا المد اليميني وفي ظل تراجع جودة خدمات دولة الرفاهية يقابله شعور الرأي العام بالإحباط كردة فعل أساسية تجاه الأحزاب التقليدية. وتستهدف هذه الاحزاب اليمينية في عموم أوروبا في الأساس -حسب البروفيسور في العلوم السياسية Dieter Eibel– ثلاثة أهداف:

1- وقف الهجرة وإعادة اللاجئين إلى أوطانهم.

2- الإصرار على الحلول الوطنية للأزمة من دون الاتحاد الاوروبي البائس.

3- التخلص من النخبة الحاكمة” وهذا ما تنذر به رغبة الاتحاد الأوروبي في تعديل اتفاقية “دبلن” بشكل يزيد من تضييق الخناق على حركية الهجرة داخل الدول الأوروبية الموقعة.

– تراجعات “دبلن”: مؤخرا قدمت مفوضة الاتحاد الأوروبي لشؤون الهجرة السويدية “ايفا يوهانسن” اقتراحها لسياسات الهجرة داخل دول الاتحاد لتعديل اتفاقية “دبلن” تجدر الإشارة الى ان اتفاقية تعتبر هذه الاتفاقية بمثابة القانون الرئيسي المعتمد لتدبير الهجرة وتحديد البلد المسؤول عن فحص طلبات اللجوء طبقا لمقتضيات اتفاقية جنيف وتحدد آليات تفعيل هذه الإجراءات على أرض الواقع. هذه الاتفاقية تتألف من لوائح دبلن وقاعدة البيانات المركزية الأوروبية المسمات ب“اليورو داك” لجمع بصمات الدخلاء في أراضي الاتحاد الأوروبي. والقاعدة الرئيسية لهذا الاتفاق هي ضرورة معالجة طلب اللجوء في الدولة الاولى التي استقبلت هذا الاخير وضرورة إرجاعه لبلد الوصول الأول إن غادر حدوده إلى دولة أوروبية أخرى، الأمر الذي لاقى تحفظات بعض الدول الأعضاء نتيجة قوة تدفق المهاجرين على حدودها من جهة وضعف إمكانياتها اللوجستيكية والاقتصادية للتعامل من هكذا تدفق لطالبي اللجوء مما يفسر الفجوة في المواقف بين دول غرب أوروبا مقابل تحفظ دول شرق القارة على قواعد هذا الاتفاق الذي تعتبرها مجحفة في حقها.

المقترح الجديد يستند على مبدئين أساسين: أولهما تسريع إجراءات الترحيل وثانيها تقسيم عدد اللاجئين بشكل تضامني بين دول الاتحاد الأوروبي لكن المفاوضات لازالت جارية لتعديل الاتفاقية قبل أجرأتها ميدانيا من طرف الدول الموقعة.

هذا التعديل يؤشر على تنامي ضغط اليمين المتطرف المتزايد و أثيره الواضح في رسم السياسات المستقبلية للاتحاد الاوروبي بخصوص الهجرة واللجوء ويزكي قلق البعض من مزيد من الخنق لحقوق الانسان في العيش في مكان آمن. فمشاهد مثل ذهاب متطرفين يمينيين لحماية الحدود قرب مخيم “كالي”.. وتشبيه سياسي في شهر يونيو الماضي سويدي ينتمي لحزب SD اليميني في بلدية “بوتشيركا” في مجموعة فيسبوكية للمتظاهرين السود “بالقرود” (جرد إثرها من مهامه الحزبية).. كلها مؤشرات توضح جدية الرغبة في جعل المهاجرين رمزا وشماعة لأزمات أخرى وجعلها ورقة انتخابية رابحة بافتعالا أزمة هوياتية وحضارية كبيرة مما ينذر بإمكانية تفاقم أزمة الهجرة واللجوء في أوروبا في المستقبل القريب خصوصا واستمرار القلاقل والصراعات السياسية خارج حدود الاتحاد.

صورة تعبيرية

تمديد قانون الهجرة المنتهية صلاحيته الصيف الماضي إلى غاية 21 يوليو من العام المقبل يعكس مدى الانقسام بين الأحزاب المشكلة للحكومة السويدية بخصوص طبيعة قانون الهجرة الذي يتوقع أن يعرف تغيرا واضحا في اتجاه تشديد جِدي لقوانين وشروط الهجرة واللجوء بعد أن وصلت المفاوضات بين الأحزاب السياسية لدرجة تهديد “حزب البيئة” بالانسحاب من الحكومة للضغط على الاشتراكيين الديمقراطيين للتراجع عن اقتراحاتهم معترضا في هذا الصدد على مسألتي تحديد سقف لعدد اللاجئين السنوي ومسألة قدرة الفرد على إعالة أسرته عند طلب لم الشمل؛ الشيء الذي أثار حفيظة المفوضية السامية للاجئين على لسان رئيسها “فيليبو غراندي“. وحتى بعد اتفاق الحزبين الحاكمين على إحالة جميع اقتراحات لجنة الهجرة للبرلمان لتحويلها إلى قانون إلا أنها حافظت على نوع من المرونة مع حضور بعض التشديد من خلال الإشارة إلى إمكانية تحويل الإقامة المؤقتة الى دائمة بعد ثلاث سنوات شريطة تعلم اللغة السويدية ومعرفة المجتمع السويدي والقدرة على الإعالة.

أزمة اللاجئين بالسويد – 2

خالد وديرو

مدون و طالب إعلام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *