لا بد أن يشرق الضوء في آخر النفق

ان مع العسر يسرا

يحكى أنه كانت هناك فتاة من عائلة متواضعة كانت طفلتهم البكر المدللة والضحكة لا تفارق وجنتيها، كبرت وأتمت دراستها على أحسن ما يرام. مر الوقت فتحولت من فتاة مدللة أبيها وأمها إلى امرأة في بيت زوجها، تغير كل شيء أصبحت لديها مسؤوليات و كانت تحاول قدر المستطاع أن تحافظ على استقرار زواجها وبيتها وأن تعيش الحياة السعيدة التي تتمناها أي فتاة في مقتبل عمرها.

لكن الحياة أصبحت قاسية عليها مهما حاولت، كانت تعطي دون مقابل لم تسمع قط كلمة طيبة، دائما ما كانت تعامل معاملة سيئة، تأثرت كثيرا لأنها رأت أن كل ما كانت تحلم به كان مجرد وهم لا علاقة له بالواقع الذي تعيشه، تدهورت صحتها كثيرا، تحطمت نفسيتها، لقد احترقت بما يكفي ليكون رمادها غيمة سخية تسقي وجعها والدمع أغرق جفونها ومحى ملامح ضحكاتها، مرت الأيام وحالتها تزداد سوءا، أخذت قرارها بعد مرات عدة من محاولات الصلح التي كانت تكتشف بعدها مباشرة أن لا شيء يتغير، وقفت صامدة أمام قرار الطلاق لأنه كان الحل الأمثل لراحتها واستقرارها وإعادة بناء نفسها، زيادة على أنها كانت دائما تردد ‘قضاء وقدر والحمد لله’ وتؤمن بها، لن يكون سهلا عليها لكنها تتمتع برضاء الله ووالديها الذين كانوا سندا في أصعب موقف لها في حياتها، مرت الأيام وأصبحت تلك الفتاة قوية ناضجة تعرف معنى الحياة وتميز بين الخطأ والصواب…

أصبحت تعيش بمبدأ: إن وقفت بجانبها فهذا خير منك، وإن وقفت ضدها فرياح العالم كلها لا تهزها، وهي التي إن أفلت العالم كله يدها، تمسكت بها، فتدافع عنها كما يدافع الجنود عن وطنهم ولا تكتفي بذلك، بل تضم لوطنها الأشخاص الذين تحبهم، فتبث في قلوبهم حنانا كحنان أمها عليها، وتسندهم كسند والدها لها.

فهي ترى أنها تتميز وتتفرد بأمور ليست عند أحد، فمشاعرها لا يضمها غير قلبها، وأفكارها لا يحتويها سوى عقلها، فلا أحد مثلها، وهي التي لديها  أحلامها وطموحاتها المختلفة، تضمها بين ثنايا دعواتها. إذا سألها أحد من تكون، تقول أنها هي التي تحمل الخير كله في قلبها، فلا تضع الشوك في طريق أحد، ولا تتكلم بما يلتهم قلبه، أو تنظر إليه نظرات حقد وكراهية، فهي التي إن أحبت لم تدع للحب معنى من بعده، فإن اقتربت جاءت بالخير كله، وإن ابتعدت لم تنس الخير الذي كان بينكم، إن غضبت لم تجرح أحدا بكلامها، وإن هدأت ضممت الجميع تحت جناحها.

هي التي تعيش على ضفاف الثقة بالله، وبداخلها ثقة أن الأرض لو أظلمت، فإن الله قادر على أن يضيئها بنوره العظيم، فحياتها كلها تعتمد على الله وعلى القوة التي يبثها داخلها، وأنها هي الشعلة التي تضيء إن أظلمها العالم، وترسم لوحة الفرح على وجنتها إن أحزنها الكون كله، هي الجدار الصلب أمام عقبات الحياة، وهي المدافع عن حمى قلبها وروحها، هي التي تلجأ لربها عندما يخيب الجميع ظنها، وهي التي إن انهارت أيامها ضممتها إلى صدرها، واحتوتها حتى تقف على قدميها مرة أخرى، فطريقها مسدود أمام الفشل والانهيار.

هي التي إن ماتت لن يموت أثرها، لأنها في كل يوم تحرص على أن تزرع الخير بقلوب الجميع، فذكراها ستبقى وإن توارى جسدها تحت الثرى. أخيرا، ستبقى كما هي، بضحكتها وحزنها، بهدوئها وغضبها، بما يجعلها مختلفة عن غيرها، إن كان إيجابا أو حتى سلبا، فيكفي أن تكون كما هي فقط.

الذات لا تقبل الإهانة أبدا، فالحياة شجرة جذورها الكرامة، إن حاولت المساس بها صفعتك بأوراقها، وإن قدرتها واحترمتها أظلتك بظلها، ورفعتك على رأسها الشامخ.

فمن السنن الالهية التي جعلها الله في الدنيا هو تعرض الناس للبلاء ليكون اختباراً لهم في صدق ايمانهم بالله والتزامهم بتعاليم دينه الذي يستحقون عليه الجزاء الموعود في الاخرة، فلابد من تعرضهم للمصاعب المختلفة في الحياة من الابتلاءات الشخصية او الاجتماعية التي تكشف عن حقيقة ايمانهم وتسليمهم لله كما في قوله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} -سورة البقرة الآية155-. صدق الله العظيم.

لا بد أن يشرق الضوء في آخر النفق

شيماء اشتكتك

شيماء اشتكتك ، مصممة جرافيك و مبرمجة .

‫6 تعليقات

  1. كنت أقول لك دائما، تمتلكين كنزا ثمينا لا يشترى بالمال و هو ضحكتك البشوشة المعدية للناس المحيطين بك فلا تجعلي أي شيء في الحياة يفقدك كنزك الثمين. أعيدها و أقولها لا شيء. أما بالنسبة لما مررت به أقول أن الله ابتلاك لكي تقوي أكثر، لكي تجمعي بين الطيبة و القوة لمواجهة مصاعب الحياة، فاجعلي ابتسامتك هي مصدر قوتك و ابتلاءك درس الحياة الذي سيريك الطريق الأصح لكي تحققي أحلامك ❤️
    #الابتسامة_قوة

  2. ليس يسهل عليك ان تعيشي ما عشته لكن انا اعرفك قوية وصبورة هده مجرد تجربة سوف تجعلك صامدة اكتر فاكثر الحياة هي مدرسة كل مرة نتعلم فيها اتمنى لك كل التوفيق والنجاح الدائم أنا دائما اقولها لك حبيبتي هو الذي خسسسسر أما أنت حافضي على شموخك وقوتك وضحكتك التي لطالما كانت على ملامحك ♥️♥️♥️

  3. ليس بالسهل أن تعيش فتاة تحمل في قلبها كل الطيبة و حسن الظنون بالناس كل هاته الصفعات و السبب واحد.. لكنها بداية جيدة لأجل مستقبل تترأسه فتاة قوية، صامدة، راضية مؤمنة بالقضاء خيره و شره.
    بالتوفيق 👍

  4. أبداعتي، ياصديقاتي كلام من القلب، يدل على صبرك و رضاك بقضاء والقدر ، كوني دائماً بما، انت عليه امرأة قوية طفلة بشوشة الوجه
    صديقتك واختك ردينا احبككككك. 🥀❤️🙏

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *