تدوينة متصدرة

كيفية البت في موضوع الطعن الانتخابي

الموجه للقضاء الإداري

إن العملية الانتخابية يفترض فيها أن تكون سليمة وأن تمر في ظروف نزيهة وشفافة وألا تخرج عن نطاق القانون، وإلا كنا أمام نزاعات وطعون تعيق العملية الانتخابية سواء في مراحلها التمهيدية أو التي تواكبها أو تلك التي تأتي بعدها. فمن أجل ضمان نزاهة العملية الانتخابية، فتح المشرع باب الطعن في المقررات ذات الصلة بتلك الانتخابات أمام الجهة القضائية المختصة (المحكمة الإدارية)، إذا كيف يواكب القضاء الإداري ألية البت على الطعون الانتخابية.
إن كل من يطعن في الانتخاب، عليه أن يثبت صحة ما يدعيه، ويبرز تأثير ما يدعيه على صحة الانتخاب. خاصة وأن من القواعد التي يتأسس عليها القضاء هي (البينة على من ادعى). ولأجل ذلك، فقد أسند المشرع للمحاكم الإدارية دورا أساسيا للبت في المنازعات الانتخابية في الطعون …

• مسطرة البت

وحيث أن الطعون في المقررات ذات الصلة بالانتخابات فهي مقيدة بآماد قصيرة تحت طائلة سقوط الحق وتحصينها، تحقيقا لمبدأ استقرار المراكز الموضوعية التي ينظمها القانون العام في أقرب وقت.

وحيث ان المشرع المغربي سن مباشرة الطعن في مقررات لجنة الفصل “فيما يخص وضع اللوائح العامة “بسبعة أيام بمثل تقييده مباشرة الطعن في مقرراتها (فيما يخص مراجعتها) بأربعة أيام الكل من تاريخ وضع الجداول.

حيث يتم النظر في الطعن المقدم بشأن العمليات الانتخابية ليوم الاقتراع أمام المحكمة الإدارية المختصة تبعا لمقتضيات قانون مدونة الانتخابات في المادة 72 وتنطلق العملية تبعا للمادة 72 بأن “يعين رئيس المحكمة الإدارية المرفوع إليها الطعن خلال الأربع والعشرين ساعة التالية لإيداعه قاضيا مقررا يتولى اطلاع المعنيين بالأمر على عريضة الدعوى و يتلقى ملاحظاتهم الشفوية أو الكتابية

أما الإجراءات الأخرى لسريان الدعوى فقد تم تحديدها في الفقرات الثلاثة الأولى من المادة73 حسب تتابعها بالشكل التالي:

“في حالة استئناف حكم المحكمة الإدارية تبت محكمة الاستئناف الإدارية في الأمر خلال أجل أقصاه شهران، وفي حالة الطعن بالنقض في القرارات الصادرة عن محاكم الاستئناف الإدارية أمام المجلس الأعلى (سابقا)، يبت هذا الأخير في الأمر داخل أجل أقصاه أربعة أشهر.

صورة تعبيرية

وفي نفس الموضوع، نذكر بالمقتضيات المقررة في القانون رقم 41.90 المحدث للمحاكم الإدارية، والواردة في المادة 4 والمادة 5 من هذا القانون، والتي تطبق أيضا على الدعوى الخاصة بالطعن في العمليات الانتخابية، ولقد نصت المادة 4 على ما يلي:

بعد تسجيل مقال الدعوى يحيل رئيس المحكمة الإدارية الملف حالا إلى قاض مقرر يقوم بتعيينه و إلى المفوض الملكي للدفاع عن القانون والحق المشار إليه في المادة 2أعلاه.
ويطبق الفصل329 والفصل 333 وما يليه إلى الفصل336 من قانون المسطرة المدنية على الإجراءات التي يقوم بها القاضي المقرر، وتمارس المحكمة الإدارية ورئيسها و القاضي المقرر الاختصاصات المسندة بالفصول الانفة الذكر على الترتيب الى المحكمة الاستئناف ورئيسها الأول و المستشار المقرر بها

كما قيد المشرع سلوك الطعن في مقررات رفض الترشيح للإنتخابات الجماعية بأربعة أيام ولمباشرة الطعن في مقررات رفض الترشيح للغرف المهنية في ثلاثة أيام.

وإذا كان المشرع على صعيد مدونة الانتخابات قد عمل على توحيد آماد هذه الطعون نسبيا فإنه من المؤمل أن يضع أجلا موحدا لها، غير أن اللجنة التي تلغي ترشيح شخص عشية اليوم السابق للإنتخابات. مع أن المرشح لم يتأخر في الميعاد المقرر للترشيح تكون قد أصدرت مقررها بوجه غير قانوني.

كما قيد المشرع مباشرة الطعن في مقررات مكاتب التصويت ولجن التحقيق ولجن الإحصاء ذات الصلة بالانتخابات المحلية والمهنية بثمانية أيام من تاريخ وضع المحضر المثبت فيه الإعلان عن نتائج الإقتراع.

وهذه الآجال، آجل كاملة لا يحتسب فيها يوم البداية ولا اليوم الأخير ولا أيام العطل الرسمية. وتراعى بالنسبة لوضع مذكرة أسباب الطعن (الملحقة) به. والنصوص المحددة لها ذات صبغة آمرة غير أن الطعن المقدم خارج الأجل القانوني لقوة قاهرة أو حـادث فجائي – كما لو أثبت أن السلطة سعت إلى اعتقال الطالب دون مبرر شرعي لتفويت التداعي عليه داخل الأجل – يكون مقبولا.

• البت أو الحكم ببطلان الانتخاب وإلغاءه

حينما يتأكد القاضي الانتخابي من انعقاد الاختصاص له في موضوع الطعن، وتوافر شروط قبوله حيث أنه وبالرجوع إلى المادة 3 من قانون 90.41 تنص على أنه “ترفع القضايا إلى المحكمة الإدارية بمقال مكتوب يوقعه محام مسجل في جدول هيئة من هيئات المحامين بالمغرب ويتضمن، ما لم ينص على خلاف ذلك، البيانات والمعلومات المنصوص عليها في الفصل 32 من قانون المسطرة المدنية”، وعليه فإنه ينتقل للبت في موضوعه من خلال التأكد من سير العملية الانتخابية وفقا لما يقتضيه القانون في جميع مراحلها.

فمن البديهي أن يتخذ القاضي الإداري من الاجتهادات القضائية السابقة مرجعية أساسية لإصدار أحكامه وقراراته. وللوقوف على حقيقة الأمر، ومن خلال ملاحظة لأحكام المحاكم الإدارية بدرجتيها الأولى والثانية ومقارنتها بقرارات الغرفة الإدارية بمحكمة النقض، يتضح جليا مدى تشبث القاضي الإداري بمحاكم الدرجة الدنيا بمواقف الغرفة الإدارية.

وحيث أن اعتبار محكمة النقض أنه كلما ثبت عدم توفر المرشح المعلن عن فوزه عدم توفره على أهلية للترشح للانتخابات فانه يتعين على المحكمة المقدم إليها الطعن التصريح بإلغاء الانتخاب. فما دام أن “محكمة الاستئناف الإدارية تبين لها من خلال وثائق الملف كون طالب النقض قد وقع على وثائق مختلفة بصفته نائبا للجماعة السلالية، واعتبرت تبعا لذلك المزاولة الفعلية لمهام نائب الجماعة المذكورة…تجعله غير متوفر على أهلية الترشيح طبقا للمادة (132من القانون التنظيمي رقم 11.59)، ورتبت على ذلك تأييد الحكم المستأنف القاضي بإلغاء العملية الانتخابية المطعون فيها، فإنها تكون بذلك قد عللت قرارها تعليلا سائغا وسليما” .

كم أن “…المحكمة لما استندت إلى تصريح رئيس مكتب التصويت شفاهيا أمامها، و إلى ما أدلى به ضمن مذكرته الجوابية، ورتبت على ذلك كون العملية الانتخابية سواء في مرحلة التصويت أو ما تلاها من فرز الأصوات، بعد الفوضى بمكتب التصويت، قد مرت خلافا لما يفرضه القانون بالنظر لما للأحداث التي وقعت من تأثير حتمي على نتيجة الاقتراع، واعتبرتها بالتالي باطلة لتحكم بإلغائها، فإنها تكون قد عللت قرارها تعليلا سائغا، وبنته على أساس قانوني سليم” . ونفس الشيء يطبق في حال وجود خلل جوهري في كيفية إجراء الاقتراع، سواء ما يتعلق بصندوق الاقتراع أو إجراءات التصويت أو استمرار العملية الانتخابية خارج الوقت القانوني، وكذلك الشأن في حال إغلاق مكتب التصويت قبل الوقت المحدد قانونا، الذي يترتب عنه بطلان الانتخاب بقطع النظر عن عدد الناخبين الذين لم يتمكنوا من التصويت و تأثيره أو عدم تأثيره على نتيجة الاقتراع.

ولم يقف القاضي الاداري عند هذا الحد، بل انه جنح الى الاسترشاد بمواقف القضاء الفرنسي بالنظر لعدم تعرض الغرفة الإدارية لحالة مماثلة يمكن الاسترشاد بها في تحديد موقف القضاء من استعمال المواقع الالكترونية في الحملات الانتخابية، لجأ القاضي إلى القياس على حالة عرضت على المجلس الدستوري المغربي، وحالات أخرى عرضت على القضاء الفرنسي سواء على مستوى مجلس الدولة أو المجلس الدستوري، و بذلك استشف التوجه العام الذي كرسه الاجتهاد القضائي ليقيس عليه في نازلة الحال.

كيفية البت في موضوع الطعن (الانتخابي)

عبدالرحمان بالقرشي

حاصل على الإجازة في القانون العام طالب بماستر القانون الدستوري والعلوم السياسية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *