مساعدة الآخرين

جسر سعادة يندثر

من منا لم يمر على أطفال في الشوارع يطلبون المساعدة أو على بائع يتعرض للاضطهاد أو على امرأة تستغيث من الضرب… وغيرها الكثير من المواقف التي لا تخلو منها الشوارع اليوم؛ منهم من يطلب المساعدة، ومنهم من يجلس في مكانه وحالته تشرح وضعه دون أن يتفوه بكلمة، لكن النتيجة واحدة وهي مرور العشرات أمام الحدث مكتفين بالنظر والمرور دون مد يد المساعدة أو إصدار أي ردة فعل؛ فمع مرور الوقت أصبح دعم ومساعدة الآخرين يتلاشى بل يكاد يكون منعدما، فلو جلست في مكان به شخص يطلب المساعدة المادية أو المعنوية قد لا ترى شخصا واحدا يتقدم لمساعدته.

وعليه يطرح السؤال التالي: لماذا كثرت هذه الظاهرة وأصبح الناس يمتنعون عن تقديم المساعدة ومد يد العون لبعضهم البعض؟

من الناحية العلمية نجد أن هناك ظاهرة تسمى بظاهرة “ثأثير المتفرج” “Bystander Effect” ، التي تم اكتشافها من قِبل الباحثني بيب لاتاني وجون دارلي، حيث نسب العالمان عدم تقديم المساعدة​ للغير إلى عاملين أساسيين هما: التجاهل الجماعي، بحيث يعتقد أحد المارة أن عدم تدخل أي شخص لتقديم المساعدة للضحية سواء كان فقيرا أو تعرض للعنف أو أي شيء آخر فإن مساعدته ليست ضرورية وبالتالي يتجاهل الضحية.
أما العامل الآخر وهو توزيع المسؤولية، بحيث يعتقد الشخص المار في الطريق بأن هناك شخصا آخر غيره قد يساعد الضحية.

تأثير المتفرج – صورة تعبيرية

أما من الناحية الاجتماعية فهناك العديد من المبررات التي يلجأ إليها هؤلاء الأشخاص في تلك المواقف، وأبرزها:

  • الكذب والاحتيال: فمع انتشار ظواهر الادعاء بغرض السرقة أو النصب، أصبح الناس يخشون المساعدة وإعطاء الصدقات حتى لا تذهب لمن لا يستحق، بل وأصبحت هناك فئة تخشى السرقة وسط ازدحام الشارع، فلا يرغبون في التدخل ويفضلون الحفاظ على أنفسهم وأموالهم.
  • الخوف: فمع كثرة المشاكل والأحداث التي تُدخل من يُحاول المساعدة إلى قلب المشكلة، أصبح معظم الأشخاص يخشون التدخل لمساعدة الآخرين، ولذلك يكتفون بالنظر دون التحقق، بل ومعظمهم يُسرع أو يُغير اتجاهه للهروب من أي تدخل في المشكلة التي أمامه.
  • اعتياد الأمر: يُقال أن كثرة رؤية أمر ما تُفقد الإنسان حماسه تجاه هذا الأمر، ككثرة رؤية الفقراء في الشوارع التي أصبحت أمراً عاديا، أو كثرة المشاكل والعنف الذي جعل بعض الناس لا يفزعون منه ويمرون من أمامه وكأنه أمر طبيعي.

قد تكون تلك المبررات طبيعية ومنطقية، ولكن ماذا عن هؤلاء الذين يحتاجون المساعدة الحقيقية وقد يتوقف مصير حياتهم على تلك المساعدة أحيانا؟
ويبقى السؤال الأهم هو كيف يمكن حل ذلك لتعود الإنسانية وتقديم الدعم والمساعدة بيننا مرة أخرى ؟

مساعدة الآخرين

اقرأ أيــضاً على زوايا:

ياسين إداونصار

طالب في كلية القانون

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *