المرأة العربية بين حداثة المجتمع وتقاليده‎

كوني سببا في تغيير قدر النساء

أمام كل القوانين الإجتماعية والخلفيات الثقافية والضغوطات التي تتعرض لها المرأة وسط مجتمعاتنا العربية على وجه الخصوص.. من تحرش وإذلال وانتكاس لحقوقها وتبخيس لقدراتها واحتقار لجنسها أحيانا .. أمام الصورة التي رسمتها أوطاننا العربية للمرأة ككائن وجب عليه أن يحني رأسه لكل شيء وأمام كل رجل.. كائن لا حق له في التفكير ولا في قول رأيه بصوت عالٍ وبكل ثقة من دون أن يتعرض لتقزيم أو تدنيس أو تجاهل.. كائن قد مورس عليه القمع بامتياز..وأيضا أمام الإطار الذي وُضعت وسطه المرأة والذي لا يسمح لها بأن تثور ولا بأن تتمرد..

نجد أن المرأة تقف الآن محرجة أمام كل هذه الإكراهات التي عانتها منذ الأزل وتعانيها حاليا وسوف تعانيها إلى الأبد.. فأصبحنا نشهد بواقعنا أن الأنثى بدأت تسترجل وتتبنى تصرفات ذكورية.. تتخلى عن صفاتها العفوية الأنثوية فقط لأنها ترى في ذلك قوة لكسر هذه الصور التي كرستها لها أوطاننا العربية.. قد وجدت المرأة نفسها سجينة وسط مجتمع غير متوازن.. مجتمع غير سوي سلوكيا ولا أخلاقيا.. مجتمع متناقض فكريا.. مجتمع يدعو للعهر باسم الحداثة..
وبالمثل، قد أسقط باسم الانفتاح حد الإنحلال كل تعاليم دينه، كي يجعل من المرأة مادة خاضعة لأفكار غربية..علما بأن المرأة في الغرب قد عانت تماما مما عانته المرأة في الشرق قبل أن تصل لمنزلة ”التحرر” من كل الأفكار الرجعية المتحجرة .. مجتمع يحاول أن يقنع نساء العرب بأن التعري والعلاقات الغير الشرعية والإجهاض وبيع جسدهن وإيباح أنفسهن .. هو ”الحداثة’‘ بعينها ..و نسي بأن المرأة قد نصرها رب العباد بدينه الحنيف منذ قرون ..دين وسطية واعتدال قد أعاد للمرأة كل حقوقها وجعلها بمرتبة رفيعة نبيلة مقدسة لا تمسها الوسائط الدنيئة التي تراها جسدا فقط ومن دون أن تضطر هي الأخرى إلى اللًجوء للجمعيات النسائية كي تطالب بشيء من حقوقها أو بالمساواة بين الجنسين ..

وسط مجتمع عربي يدعو لتقنين المحرمات بدعوى التحرر..وبنفس المنطق قد ألبس المرأة المحتشمة المحترمة المتبعة للدين الذي شغفها نصرة ومقاما عاليا..لباس ‘‘الانطوائية’‘ وألصقها تهمة عبادة آلهة العادات والتقاليد.. وسط مجتمع لا يعترف بثرائها الفكري ولا بإبداعاتها في ميادين عدة .. “مجتمع ذكوري محض” ..
الحداثة يا سيدتي لم تعني يوما التعري أو السماح للأفكار الغربية التي فصلها المجتمع على ذوقه بأن تجرك للسير في طريق غير الطريق التي فطرك عليها “دين الإسلام” .. بل الحداثة يا عزيزتي هي ألا تتركي للمجتمع فرصة الحد من مواهبك أو الاعتراض ولو على شق صغير من خياراتك في الحياة.. التحرر يا صغيرتي هو أن تنتصري لأفكارك السوية المتفردة، لا أن تتبعي ما وجدت عليه أقواما سبقوك إلى الحياة وعاشوا بظروف لم تكوني جزءا منها، بل مضت وانتهت صلاحيتها..

رسالتي لكل امرأة.. لكل فتاة.. لكل أنثى تحيى على هذه الأرض .. أرجوك كوني سببا في تغيير قدر النساء بهذا العالم، ثقي بأنك قادرة على بناء جسور من المعرفة الإنسانية الضرورية لخلق تيار يؤمن بأن التحرر لم يكن يوما هو الانحراف عن تعاليم ديننا بقدر ما كان اتباعا لها .. ثقي بأنك الكائن الوحيد القادر على بناء بيوت دافئة ناعمة يملؤها الأمان والحنان يمكنها أن تحد من كل صراع فكري مجتمعي بين رجل وامرأة .. فذلك هو سبيلك الوحيد لخلق درجات و مستويات أخرى من الفهم واليقظة لكل نساء الكون ..

المرأة العربية بين حداثة المجتمع وتقاليده‎

الهام قيطوني

طالبة باحثة من مدينة وجدة ومدونة مغربية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *