زراعة الأفكار حقيقة أم خيال

هل ينقل الإعلام الحقيقة فعلا؟

العديد من الناس، وبمجرد سماعهم لكلمة زراعة، يتجه ذهنهم إلى زراعة الفواكه والخضروات أو الزراعات الطبية، لكن هل سمعت من قبل بزراعة الأفكار؟؟

في الأسبوع الماضي شاهدت أحد الأفلام بعنوان “Inception” الذي تحدث عن نوع خاص من العملاء يتم توظيفهم لاختراق عقل شخص ما، وذلك عن طريق الدخول في أحلامه واقتحام عقله الباطن بغرض إقناعه بتقسيم شركة عائلته العملاقة متوهما أنه هو من اختار هذا. قد تظن أن هذا الفيلم مجرد خيال علمي، وهو كذلك بالفعل، ولكن زراعة الأفكار نفسها ليست خيالا بل هي حقيقة؛ ولكن كيف؟؟

تختلف زراعة الأفكار عن باقي أنواع الزراعة فهي لا تحتاج فأسا ولا محراثا ولا أدوات طبية، بل تحتاج لوسائل أخرى تؤثر على ​الأفراد والجماهير وتقودهم بشكل غير مباشر عن طريق إقناعهم بأن قراراتهم نابعة من إرادتهم الحرة، في حين أن هذه الأفعال هي نتيجة لمسببات معينة يتم توجيهها للجمهور بشكل خفي عن طريق وسائل الإعلام المختلفة، فمن خلال توجيه معلومات معينة بطرق معينة يقوم الجمهور بإتخاذ إجراءات بناء على هذه المعلومات معتقدا أنه هو من اتخذ هذا القرار.

تؤثر وسائل الإعلام في الجمهور بطرق مبرمجة ومدروسة يطلق عليها خبراء الدعاية مصطلح “هندسة الجمهور” والتي تقوم بتغيير قناعات وتوجهات الجمهور وإعادة تشكيل وعيهم وسلوكياتهم مستخدمين في ذلك بعض الطرق القائمة على دراسة السلوك البشري وطريقة تفكير الجماهير.

وتجدر الإشارة إلى أن هناك اعتقادات خاطئة لدى كثير منا عن الإعلام سنذكر منها إثنتين فقط، أولهما أن الإعلام ينقل الواقع، والحقيقة أن الإعلام لم تكن مهمته يوما نقل الواقع بقدر ما كانت صناعة وتشكيل نظرتنا للواقع، فالإعلام لا ينقل لك الحدث مجردا، بل يشكله ويضيف عليه ويختار الكلمات المناسبة بما يجعلك تتبنى موقفا معينا أو تتخذ رد فعل معين، فهو هنا يتحكم في المعلومات التي تصلك عن الخبر وبالتالي يتحكم في رؤيتك للخبر.

الاعتقاد الخاطئ الثاني هو اعتقادنا أن الإعلام هو القنوات التلفزيونية والصحف والمجلات فقط، إلا أن ذلك غير صحيح، فالحقيقة أن هذ هو الجزء من الإعلام هو الأقل تأثيرا، فالإعلام المؤثر هو الدراما والأفلام والمسلسلات ووسائل التواصل الاجتماعي وألعاب الفيديو؛ هذه الأشياء تمثل معظم مصادرنا للمعلومات، وبالتالي هي التي تشكل قراراتنا وتفاعلنا مع الواقع.

تعتبر الأفلام والمسلسلات من أقوى وسائل زراعة الأفكار في العصر الحالي، ومن أبرز الأمثلة عليها عندما أرادت الولايات المتحدة الدخول في الحرب العالمية الثانية وكان الشعب رافضا للحرب، فتم استخدام أفلام لإظهار النازيين على أنهم أكلة لحوم البشر وأنهم يقتلون الحيوانات ويحرقون الأراضي وتم تصويرهم على أنهم شياطين، وبعد مدة قصيرة طلب الشعب الأمريكي من الحكومة الدخول في الحرب.

وفي النهاية، وكملاحظة أخيرة، يمكن القول أن هذا التأثير يمكن التخلص منه من خلال زيادة الوعي والثقافة وتمحيص كل المعلومات التي تصلنا وعدم أخذ المعلومة من مصدر واحد.

زراعة الأفكار حقيقة أم خيال

ياسين إداونصار

طالب في كلية القانون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *