كبرياء أنثى

عن "كبرياءٍ محمودة الطّبْع"

لا تُحدّثوني عن جمالها الساحر الذي أسَرني وجعلني أتخبّط مع نفسي صباح مساء؛ جمالٌ قد فاق المعتاد وخرج عن قانون الطبيعة.. كنت عادة ما أفكر في قسَمات وجهها الجميل.. ومخيّلتي دائمًا ما تسافر بهمومها وأشجانها لترسم نسخة من وجهها حتى لا يفارقني في خَلَواتي. لقد أصابتْني سِهام جمالها بادئ الأمر في مَقتل، وسلبتْ مني كل معاني السكون والهدوء، حتى أصبحتْ مشاعري تثور أحايينَ وتضطرب أخرى فتذوق الأهوال والأوجاع.

وإنه لا يسعني إلا أن أبوح لكم بحروف جمالها حرْفاً حرفاً:
كانت وَسيمةَ الطلعة، جميلة المُحيّا، مهذَّبة القَسَمات، ناعمة الإِهاب، مُحمَرّة الشفاه، مملوءة الوجنتيْن، صغيرة العينيْن، مستقيمة الحاجبَيْن.. كان مما يزيدها جمالًا وبهاءً أنها: متقلّبة المزاج، كثيرة الشكوى، صعبة المنال، تـثور أحيانا وتقطّب عن حاجبيها، “تترجّل” (من صفات الرجولة) في بعض المواقف البطولية، وتفرض كبرياءها وتعنّتها الأنثوي المحض…

والكبرياء عندها سَـجِـيّة وفطرة لا تتكلَّف فيه، وأيُّ كبرياء نتحدث عنه؟

إنه ذلك الكبرياء الأنثوي والشموخ المُتبجّح المُتعالي الذي لربَّما كاد أن يبلُغ عَـنان السماء، فتجدُها تطلق لكبريائها العِنان وتجعلني أتغيّظ وأرشُف منها كيد النساء، ما يُثير حفيظتي ويدفعني لأكون متجاهلا إياها مُتفنّنا في تجاهلها على مَـهَل. فما هي إلا لحظاتٌ، وتأخذ الحبيبة في طلق العَبرات الغِزيرة التي تفيض بها مَدامعها من شدة ما أصابها من التجاهل.. غير أن قلبي دائما ما يُلامس قلبها ويفهم لغته وأسلوبه، فيَخلص في النهاية إلى أنه لا بد لها مِن عِناق طويل يحمل في طيّاته دفئاً رجوليًا وعاطفة جيّاشة…

قالت هامسةً في أذني: “لا تترُكني وحيدة، فأنا لا آنَسُ بمخلوقٍ سِواك..”
ثم أجهَشَتْ بالبكاء..!

كبرياء أنثى

Exit mobile version