لا أريد عيدا للمرأة

بل اعترافا بها وإنصافا لذاتها

بصفتي امرأة .. يؤسفني أن يخصص البعض عيدا للمرأة ويوما عالميا لحقوق المرأة من أجل التذكير بالإنجازات التي حققتها المرأة، فهاهي هنا أول امرأة قادت طائرة وهاهي هناك أول امرأة احتلت منصب رئاسة، كما لو أن المرأة لازالت دوما الاستثناء، وكما لو أن ليس من حقها أن تحرز نجاحات تعد بالنسبة للرجل أمورا عادية.

أنا لست ضد هذا اليوم أخذا بالبعد التاريخي له، كما أنني لست ضده لأنني راضية على الوضعية التي توجد عليها المرأة، بل بالعكس تماما، لربما لسنا بحاجة ليوم عالمي للمرأة في البلدان المتقدمة، ولكن وضعية المرأة في باقي البلدان وجبت أن تكون نقاشا يوميا ودائما، الاكتفاء بيوم واحد للاحتفال بالإنجازات المحققة لحد الآن إهانة في حق المرأة، هي فلسفة تجعلني أحس أن المرأة يتم إنصافها فقط من خلال تخصيص يوم يحتفل بها فيه، وأي احتفال ذاك؟ ممارسات تكرس التمييز بين الجنسين .. في هذا اليوم يتم إعطاء الكلمة للمرأة، في هذا اليوم تعطى لها الورود والهدايا والمجاملات..

صورة تعبيرية

شخصيا لا أريد يوما عالميا يحتفل بي فيه كما لو أنه ليس لي حق القيام بإنجازات مثلي مثل الرجل على حد سواء، لا أريد يوما عالميا يشار إلي للحديث بصفتي امرأة كما لو أنه ليس لدي اسم ورأي، لا أريد معاملة خاصة في ذلك اليوم وإهانة باقي الأيام، بل لا أريد معاملة خاصة أبدا، أريد أن أعامل بطريقة عادية جدا مثلي مثل الرجل بنفس الحقوق ونفس الفرص، معاملة يشملها الحياد التام.. معاملة تقوم على الأهلية والأحقية، أريد أن تحسب إنجازاتي لي وليس لجزء من المجتمع لا يتم إنصافه .. أريد أن ينصفني الجميع.

المرأة لا تحتاج وردا، المرأة لا تحتاج مجاملات، المرأة لا تحتاج أن تعامل بلطف في هذا اليوم، ما تحتاجه المرأة هو الإنصاف والمساواة ونفس الفرص التي تعطى للرجل؛ ومثلما تعترف المرأة ضمنيا بانتماء الرجل المجتمعي فذاك ما يجب أن يحدث بالنسبة للمرأة كذلك.

كما أنني أجد هذا اليوم عائقا أمام أي تطور في هذا الموضوع، فكلما تم تحقيق خطوة إلى الأمام يأتي هذا اليوم ليذكرنا أن هناك فرقا واختلافا بين الجنسين، وبأن المرأة “كائن في طور الاندماج”.. والبعض يحسب أنه بهذا اليوم قد أنصف المرأة .. هذه هي الصور النمطية التي يجب القضاء عليها، والقوالب النمطية التي لا تزال قائمة والتي تعطي صورة للمرأة في كثير من الأحيان في غير مكانها وعفا عليها الزمن. هذا ما يجب أن نحاربه، وأجد أن يوم المرأة لا يساعد حقا في ذلك. فهل نحتاج إلى يوم للمرأة للتعبير عن أنفسنا؟ يوم واحد؟ يوم لا يؤدي إلا إلى توسيع الفجوات بين الرجال والنساء.

كم أنتظر ذاك اليوم الذي لا تفرح النساء بمكاسب من قبيل يوم عالمي للمرأة وبرنامج خاص للمرأة ومناسبات مستفزة للتذكير بإنجازات المرأة في محاولة لإقناعها بأن مكانتها هي ذاتها بالنسبة للرجل في حين أن ما تفعله هو إظهار أن نجاحاتها هي استثناءات وجب التذكير بها.
كما أنتظر اليوم الذي تحقق فيه المرأة إنجازات لها وللجنس البشري وليس باسم لجميع النساء.

لا أريد عيدا للمرأة

فدوى العزيزي

طالبة في المعهد العالي للإعلام و الاتصال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *