“كل أمازيغي ببندقيته يُعتبر أسداً”

بعد 100 عام على استشهاده؛ نبشٌ في بطولات "أسد الأمازيغ"

قبل مئة عام، استُشْهِدَ بطل الأطلس وكبير المقاومين القائد موحى أوحَمُّو الزّياني، رحمه الله، يوم الأحد 27 مارس 1961 بجبل “تاوجكالت” على بعد 35 كلم من خنيفرة، وَدُفن في مَدْشَر “تاملاكوت”.

“لم يجعل الله مصائرنا في أيدي الآخرين، ولكنه منحنا ضُعفاً كافيا لنُسَلِّمَ مصائرنا لهم”.

موحى أوحمو الزياني.

حين شرعت كتائب الفرنسيّين، سنة 1908، في احتلال الشاوية، أعلن موحى وحمو الجهاد ضد المستعمر، وألقى بفُرسانه في المعارك التي وقعت على مَشارف الدار البيضاء، حاولَ اعتراض الجيوش التي تتقدم نحو تراب منطقة “زَيان” بعد توقيع معاهدة الحماية.

على أبواب مكناس والرباط وضواحي الخميسات، وعلى تراب “زَمّور وزْعيرْ وبني مطير”، دفع موحى وحمو فرسَانَهُ إلى المعارك عازمينَ على ضربِ العدو في عُقر المراكز التي احتلّها، وفي كل هجوم قاموا به، كانوا يُروّعون الحاميات ويقتلون الجنود ويكبدون الأعداء خسائرَ جسيمة.

“لما أموت أبنائي سيفعلون ما يشاؤون؛ وحتى ذلك الحين لن أرى مسيحيا إلا في متناول بندقيتي والإصبع على قُرص الزِّناد”
كان هذا جواب موحى وحمو لإدريس أورحو المطيري مبعوث الجنرال موانيي “Moinier“، حين عرَضَ عليه العمل إلى جانب الفرنسيين محاولاً استمالتَه إلى صفوفهم ولم ينجح، كما لم تنجح كل محاولات الماريشال ليوطي في استمالته أيضا على غرار بعض القادة من أمثال الكلاوي والكندافي والمتوكي، وذلك بواسطة الوزير إدريس البوكيلي وباشا مدينة أبي الجعد الحاج ادريس الشرقاوي.

فبعد احتلال عاصمة زيان في 12 نونبر 1914، اعتقدَت فرنسا أن احتلال خنيفرة سيضع حداً للمقاومة المسلحة ببلاد زيان على اعتبار أن عدة قبائل استسلمت بدون مقاومة تذكر أمام الغزو الفرنسي. لكن القائد موحى وحمو ابتكر أسلوبا جديدا في مواجهة العدو، عرف بـ”حرب العصابات”. يقول أحد الضباط الفرنسيين في مذكراته:

إنّ العصابات التي كان موحى وحمو يبعث بها، كانت تنازلنا والساق على الساق، فيفضل أفرادها أن يموتوا، على أن يسلموا شبرا من الأرض، ورغم يقظتنا القصوى، فكثيرا ما يحدث أن يسقط حراسنا ليلا مطعونين طعنات مهلكة بالخناجر من قبل أشخاص، متسللين بصمت، وذوي شجاعة لا يصدّقها العقل“.

سنوات طويلة من الجهاد والبطولة والاستشهاد، تُوّجت بانتصار المقاومة في ‘معركة الهري’ يوم 13 نونبر 1914، والتي كبّدَتِ الفرنسيين أكبر هزيمة تلقَّتها جيوشهم في شمال إفريقيا. وقد كتب الماريشال ليوطي في برقية لحكومته جاء فيها:
لم يسبق لفرنسا في تاريخها العسكري أن مُنِيَتْ بمثل هذا التدمير في قوة هامة من قواتها، وخسرت مثل هذا العدد من ضباطها، وأضاعت هذا القدر الكبير من عتادها”.

كانت معركة الهري علامة فارقة في تاريخ المقاومة، وقد عمد الفرنسيون لتزوير الحقائق وتزييفها وذلك بجعل معركة الهري معركة عادية بخسائر طفيفة.
ومنذئذ، بات موحى وحمو شوْكةً في حَلق المُستعمِر، ولقنه درسًا من دروس التاريخ، وأسمع صوت زيان في جميع أنحاء أوروبا، جاهد وعبّأ وقاوم ثم وقف صامدا أمام هيمنة المستعمر طيلة سبع سنوات.

“الذكرى المئوية لاستشهاد القائد موحى وحمو الزياني”

في مثل هذا اليوم من السابع والعشرين من مارس وقبل مئة سنة، أصيب القائد برصاصة اخترقت ما بين صدره ونَحْرِه، فخر مستشهدا بمحل يقال له أزلاك نتزمورت بجبل تاوجكالت شرقي جنوب خنيفرة، هرع المقاتلون نحوه وحملوه في اتجاه المعسكر وبعدها دفن بتاملاكوت.

في مثل هذا اليوم أُطْفِئت النيران إشارةَ حِدادٍ وحزن على الفارس الأصيل وبطل الأطلس المغوار والمجاهد الأكبر موحى وحمو الزياني.

“كل أمازيغي ببندقيته يعتبر أسداً”

Exit mobile version