متربع على عرش الغدر

خاطرة

كان سمي يقتل كل أنثى تتذوّقه من شفتي، وبدَت كل الإناث تهابني رغم رغبتهم الشديدة بي… بدوْتُ قاتلا متسلسِلًا بالفطرة أمزق فؤاد كل تاء تأنيث تأتي بين مخالبي.
كغير العادة جاءت الغريبة من بلاد الشجاعة، تقدمت حولي… قبّلتني وخطفت عيني بنظرتِها وهمَست لي قائلة ” قلبي ها هُنا مَزّقْهُ وأحرقه“، ووضعت يدي على صدرها… أحسستُ بالوهن وغفوتُ على كتفها..

بمفتاح سول تخترق أرضي وسهم جفونها تزعزع استقراري… عذريتها تختفي أمام انحناءات خصرها المُموَّجة… أترك بصماتي على عنقها، كفها، خصرها وشفاهها… فهي مِلْكي… نرقص على أنغام الموسيقى الكلاسيكية وقالب الحب ينضج بتمهل أسفل جزر القمر… منتصف الليل دقَّ وأنا أدققُ في ملامحها… كتَبَتْ لي بشفاهها: أنا أرغب بك وبشدة؛ وبعدها لبّيْتُ النداء.

أدارت وجهها بعد نقاش طويل، تذوقتُ المذاقَ المالح على خدها وتدحرجَتْ نحوي، على رُكبتيها تتوسَّلُني و أنا قابع فوق سفح التخاذل أمرر أصابعي على خدها، وهمست لها ببرودة ممقوتة، أنتشي بعذابك، أتلذذ بألمك… استقرت نيتي على ميزان الخطيئة ونالتني تخبطات الأقدار وأنا قابع على حافة الجحيم أتذوق طعم العذاب.. عرقلتني المشاعر وراودني حنين متردد لم أكن أريد دمائها فقط، فروحي لن ترضى إلا برأسها مزخرفاً ببعض رسوماتي على جبينها.

عتابي يزداد بعد كل لمحة، وأنا عالق بين صدى رنين الزمان، وعلى يميني “تفاحة الجنة”… ألمسها بكل حذر وأرى انعكاسي بها كما لو أنها أنظَفُ من قلب العذرية… تصيبني هلوسة خافتة وعلى انعكاسي ظل قرون ملتوية… دماء تنزف من فمي وأنا راكع أمام مرآة الرب… أرفع عيني وأدركت أنها دماء التفاحة …وأنني أنا صاحب القرون …أنا شيطانُ نفسي.

عدت للناصية ناصبة لي فخاخ الإغراء، كانت عذراء الفكر، توجب علي تلطيخ مادتها الرمادية بسوداوِيّتي.
في اليوم العاشر من عقم مشاعرها، استدعتني عبر همس مثخن بالألم. أنقذني فؤادي ينزف.
غريزتي تطلب الود من الغير وبين سفوح جبالي أمارس طقوسي البالية.. لا نهاية بعد الآن، جُحودي يرتب أمور كثيرة.. أعصف بقلبها، أمزقه، أحضنه، وبعدها أرميه في دوامة النسيان… أكتب لها بتمهل أسفل بشرتها، أنت سجينة الشيطان، أنت قربان، وأضمها بلساني ضمة الثعبان…
في الزاوية التسعين من غرفتها أتأملها بابتسامة مترددة، تقف فوق جنفاص خشبي بأطرافه الأربع، تدلف عنقها بين حلقة الخلاص وتودعني بعينيها… رمت جثتها وتدلّت عبر مشنقتها…أشعلت سجارتي و مررت للتالية باللائحة…
مخضرم بعيني الغضنفر، أتربص في كل مرة أريد التقدم… أعاتب نفسي وأساند الآخر.. أنشد بصوت فحيح الأفاعي بداية مسرحية الخداع… وأوجه لساني للجمهور، خلف الكواليس أتاني التكبر…خلف لساني سيف العظمة…أرتب الأمور، أصارع الجحود، وبين يدي يصبح رأسه مناسب لأصابعي.

لا تغرنك خيميائية مشاعري، تثيرني الأشياء الباردة ويتسللني الاشمئزاز في كل مشهد قذر لمثالية شخص متسلط… جيناتي تنفر الانحطاط وتنكر وجود جدار الموت، تقفز بعد كل صرخة، تهدأ بعد كل تنهيدة …أنفصل،أستئصل،و في الأخير أستقر على ميزان القدر. أتربع على عرش الغدر.أساوي إيقاع الأوتار في أمسية حمراء، ألطخ ليلتي بابتسامة النفاق وأروّض نفسي على جلسة بدون رفاق… أفتقر لفقر الدراما و أقترف إثما لا يغتفر.. ألوح بعصى كماني و تجري ألحان الجحيم بين عروقي…بين طيات الماضي أطوي جرح وجهي وأكمل نحو المجهول،بين حتمية النجاة ونشوة العذاب، أسجد خاضعا لحتفي، وأشق عبر الأفق فتات العفوية…أنثرها بين سهول السذاجة وأقدمها فاكهة جناها الحكيم بغباءه…أتجنب الرمزية الكلاسيكية وأحاول أن أغدو كاهنا،أبحث عن الأمور الأكثر وساخة…ليس هناك عار وبين نون وعين يأكلنا لهيب النار.

عقاب النفس يستوجب الصرامة، أمام مطرقة القديس “كريستوفر” ينهال علي هلع المدينة… وبين أسوار المحكمة أناجي نفسي الضارية…خاطري المهيض يكسر حاجز الغضب، وعلى مَقرُبة من بصلتي السيسائية أشعر بخلل التوازن، أضاجعها بغرفتي وأنا حيث هنا أستمتع بأنفاسها. عرق الجنس يتصبّب و أنا أقف أسفل نظرات القاضي… أُصْغِي بتمعّن إصدار حكم الإعدام، القاتل المتسلسل انتهى هنا… انتهى التسلسُل.. انتهى المُسلسل.

متربع على عرش الغدر

Exit mobile version