الجرح واحد والهوية واحدة والقضية عادلة

عن القضية الفلسطينية

نريدك أن تعرف ما يدور حولك خارج حدود بلدك هنا في (فلسطين المحتلة)! إسرائيل تدمر المدن الفلسطينية، فقدت العديد من العائلات أطفالها ومنازلهم وحياتهم، إسرائيل تقصف المباني والأبراج والمدنيين، الأطفال والنساء والشيوخ جراء الضربات الجوية الصهيونية الوحشية، المستوطنون الإسرائيليون يهاجمون الفلسطينيين في الشوارع والأقصى بسياراتهم وأسلحتهم وهم يصرخون (الموت للعرب)، في حين أن قوات الاحتلال تستر على ظهورها وتدعمها، تتلاعب إسرائيل الآن بوسائل الإعلام من خلال إيذاء نفسها وإظهار الجانب الآخر من القصة.
لقد سارت وسائل الإعلام على خطاها، معذرة وفي بعض الأحيان بالترويج لغزو واحتلال فلسطين. لا تدعهم يخدعونك! استمر في الحديث وافضح عنفهم! كن أكثر ذكاءً، وكن إنسانًا ودافع عن فلسطين
“.

‏هكذا كانت رسالة الشعب الفلسطيني الشقيق إلى بقية دول العالم، لكن العالم طبعا يعرف يسمع يرى بل ويتنفس ما يحصل في فلسطين الأبية، لكن طالما الضمائر نائمة، ميتة، خربة، خائفة، ومسيسة، أبدا لن يجدي النداء…

فبعدما توهم البعض أنها ذهبت أدراج الرياح،_القضية الفلسطينية _جراء هرولة دول عربية إلى التطبيع مع دولة الاحتلال خلال الفترة الماضية،أعادت جولة المواجهات الحالية مع العدو الصهيوني القضية الفلسطينية مجددا إلى الواجهة، فقبل تأطير الوضع الحالي يمكن القول أن القضية أعادت تعريف نفسها تحت وهج النار والمعاناة والاستعداد لتحمل كلفة المواجهة بالعودة إلى الجذور، أصول الصراع العربى – الإسرائيلى، فلا هي قضية لاجئين كما نظر إليها إثر النكبة مباشرة، ولا هي قضية الفلسطينيين وحدهم، فهي قضية عربية بالأساس وقضية إنسانية فى المضمون، ثم أنها فى أول الأمر وآخره قضية تحرر وطني لشعب يتعرض لأبشع صور التمييز العنصرى، كيف لا والصور كانت أبلغ من التعبير كانت ملهمة لمعنى أن تكون هناك قضية يؤمن بها أصحابها، وكاشفة بالوقت نفسه لهمجية القوة الإسرائيلية وتغولها على المقدسات الدينية الإسلامية دون أي وازع أخلاقي، أو اعتبار لأية قيمة إنسانية مجسدة في صورة العمل الاحتجاجى الشعبي مرة وبالصدور العارية مرة أخرى دفاعا عن الأسر الفلسطينية العربية المهددة بالتهجير القسري من حي «الشيخ جراح»، خرج الصغير الفلسطيني قبل الكبير، نسائهم قبل رجالهم، وحتى الشيوخ الكل دفاعا عن شرفهم هويتهم وانتمائهم تحت شعار “عاش الوطن عاشت القضية ولا عاش من خانهما ” حملت الصور رسالة ذات صلة بالنكبة، التشبث بالأرض ورفض مغادرتها أيا كانت ضراوة الترويع .

فرغم تواطؤ سلطات الاحتلال الأمنية مع جماعات المستوطنين، وحضور نواب متطرفين بالكنيست ووزراء في الحكومة لدعم الاستيلاء على بيوت الفلسطينيين، إلا أن قوة المقاومة وحجم ردات الفعل في فلسطين التاريخية الأبية بالذات على غرار الالم الذي الحقته بالاسرائليين كما لم يلحق بهم من قبل جراء تطور القدرات العسكرية الصاروخية لفصائل المقاومةوالتي اصبحث ابعد مدى وأكثر قوة وتأثيرا …فمن كان يتصور ان المطارات الاسرائيلية تصبح تحث رحمة صواريخ المقاومة، بل ومن كان يتصور أن يؤكد مصدر مسؤول بوزارة الدفاع الأمريكية، في تصريحات ل CNN أن الجيش الامريكي سحب 120 فردا من عناصره المدنيين والعسكريين من اسرائيل بسبب تصاعد المواجهات وعدم قدرة الطائرات التجارية على الطيران داخل وخارج اسرائيل، من كان يظن أيضا ان يعترف رئيس الوزراء الاسرائيلي “بنيامين نتنياهو” بعدم قدرة القبة الحديدية على اسقاط صواريخ المقاومة 100% وان الامر سيطول في اشارة طبعا الى المواجهة بين الجيش الغاصب جيش الاحتلال الصهيوني وفصائل المقاومة الفلسطينية في غزة…من جهة، ثم رد الفعل الرسمي العربي من جهة اخرى، والذي بدا هذه المرة اكثر نضجا ووضوحا ودقة في ادانة جرائم الإحتلال الاسرائيلي بحق الفلسطينيين ولم ينجز الى موضع توجيه الانتقادات الى المقاومة الفلسطينية كما كان يحدث خلال السنوات او بالاحرى المحطات الماضية، بل ان الدول العربية التي طبعت علاقاتها مع اسرائيل لم تستطع تجاوز ما يحدث على الارض وارسلت بيانات ادانة لممارسات دولة الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، (رغم تواضعها ) على غرار السعودية، الإمارات، الكويت …

صورة تعبيرية

امور جعلت السلطات القضائية الإسرائيلية المحتلة تضطر إلى تأجيل البت فى الملف خشية تدهور إضافي بالمأزق الصهيوني المستحكم، الذى قوض صورة الدولة العبرية كدولة فصل عنصري تشبه جنوب افريقيا قبل تحريرها، ليتجسد الحضور القوي مرة أخرى للمقاومة الفلسطينية وتدخل غزة بذلك على خط الصراع بإطلاق وابل من الصواريخ على تل أبيب ومدن إسرائيلية أخرى، ثارت تساؤلات عما إذا كان هذا التدخل قد يربك، أو ربما يجهض، هبة القدس، ويمنعها من أن تأخذ مداها كانتفاضة ثالثة تعيد إحياء القضية الفلسطينية أمام الرأى العام الاقليمي لا بل والدولي.

فما يحصل اليوم هو رسالة إلى العالم تتعلق بوحدة الشعب الفلسطينى رغم الخلافات السياسية المستفحلة بين الأطراف الفلسطينية وغياب البوصلة السياسية الوطنية الواحدة.

إن أولى الأولويات هو وقف كلي للعدوان الإسرائيلي، عبر تحقيق وقف شامل لإطلاق النار، بضمانات دولية. ولكن بقدر ما إن ذلك ضرورى لكنه لا يكفى طالما استمرت إسرائيل فى اتباع سياسات لشرعنة الاحتلال والتغيير التدريجى للوضع على الأرض هذا من جهة،
و تراجع الى درجة غياب الارادة الامريكية الأوربية في تدارس الملف الفلسطيني من جهة اخرى، خصوصا بعدما توارى هذا الاخير عن الاهتمام وحل محله على صعيد الاولويات الاتفاق النووي مع إيران، إنهاء الحرب في اليمن، ترتيب الاوضاع في ليبيا..وغيرها.

إن دبلوماسية الإدانات والمناشدات والتحذيرات لم ولن تؤدي إلى نتيجة ابدا.فالمطلوب اليوم قبل الغد إحياء فعلي وفعال لدور الرباعية الدولية (( اللجنة الرباعية حول الشرق الأوسط )) وربما توسيعها وهنالك العديد من المقترحات فى هذا الشأن.
وعليه فإن إنهاء المأساة التى يعيشها الشعب الفلسطينى يكون حتما من خلال تحقيق حقوقه الوطنية المشروعة وإقامة دولته المستقلة عاصمتها القدس الشرقية، وهو ما يساهم أيضا فى إقفال إحدى أخطر بؤر التوتر واللاستقرار والاستغلال السياسي لأجندات مختلفة في المنطقة.

الجرح واحد والهوية واحدة والقضية عادلة

خالد ميموني

باحث في العلوم القانونية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *