تحفة هوليوود المنسية بالبيضاء

في يوم من أيام يونيو الحارة وأمام المعهد العالي للصحافة والإعلام بالمدينة البيضاء، كان لنا لقاء مع خيرة من أنجبت الصحافة بالوطن العربي.
له ذخيرة لابأس بها من المؤلفات ولعل أبرزها وماراق لي طبعا رواية (أيام الرباط الأولى) التي أبحرت بين كلماتها وألفت لها مشاهد في مخيلتي تحاكي ما عاشه الهرم الكبير طلحة جبريل.

كان اللقاء يدور عن درس الشارع Street lesson لزيارة وإنجاز إستطلاع حول إن صح التعبير عن تحفة من تحف هوليوود المنسية بالبيضاء.
تحفة سنشرع في الدهاب إليها وفي دفعات بعد هذا اللقاء، بيد أن الرياح تأتي بما لا تشتهيه السفن حيث وبعد وصولنا لركس كافي (التحفة المنسية) التي توجد أمام ملتقى طرق وبجانب حديقة إن صح القول أنها بؤس في بؤس. تفاجأنا بورقة بيضاء معلقة على باب المقهى الخشبي العريض كتب عليها (مغلق للصيانة بالأحرف اللاتينية)، لنصاب بخيبة امل جد كبيرة. وما أن إنعرجنا عبر زقاق ضيق جاء خلف هذه المعلمة أملا من إيجاد باب آخر ندخل من خلاله للمقهى، صادفنا عبر هذا الزقاق الحسين وهو رجل في الخمسينيات من عمره يغلق أحد الأبواب المؤدية للمقهى، إستفسرناه عن سبب الإغلاق ليجيب بنبرة يعلوها الإستغراب والحيرة المقهى مغلق للصيانة.

ليسمع الحسين بعد ذلك صوتا بين الطلبة بلكنة مغايرة تماما للعامية المغربية أستاذ الحسين من فضلك ألا توجد إمكانية لدخول هؤلاء الصحفيين فلهم تمرين وعليهم إنجازه. إبتسم الحسين إبتسامة عريضة وأجاب هل يمكن لي يا سيدي أن أخمن من أي الجنسيات انت؟. أجاب الأستاذ بدهشة تفضل. هل أنت سوداني الأستاذ نعم معك طلحة جبريل آه أنا أعرفك جيدا انت صحفي كبير كما أنني قرأة العديد من مقالاتك الشيقة، لكن فلتعذرني سيدي المقهى الأن مغلق وسيشرع في فتح أبوابه بعد 15 يوما، فأي سؤال من طلبتك عن المقهى فليتفضل بطرحه. ويبدأ الحديث بعد دالك عن ركس كافي التي أصبحت مع مرور الزمن من المزارات السياحية المفضلة لدى الأجانب، حيث يعتقد وحسب ما صرح به الحسين أن غالبيتهم يراه المقهى الذي إحتضن تصوير مشاهد الفيلم الأمريكي الشهير كازابلانكا، أحد روائع السينما الأمريكية الخالدة، الذي ساهم في الدعاية لمدينة الدار البيضاء عبر العالم. وجعلها مقرونة بأحد أشهر قصص الدراما العاطفية في تاريخ السينما الأمريكية.
لكن في الحقيقة فالأمر يتعلق بنسخة معمارية مستوحاة من أحداث الفيلم، وليس بالمقهى الأصلي، وذالك عندما قررت مواطنة أمريكية تدعى “كاثي كريغر” بمجرد إنتهائها من أداء مهمتها في السلك الدبلوماسي، حيث كانت تعمل بسفارة بلادها في المغرب، أن تفتح سنة 2004 مقهى كبير يحمل نفس إسم المقهى في قلب المدينة القديمة، بعد أن لاحظت كيف أن السياح الأمريكيين لمدينة البيضاء، يصابون بخيبة أمل كبيرة عندما لايجدون أي مبنى يؤرخ للفيلم الذي كان سببا في معرفتهم لهذه المدينة، فقامت بشراء الدار التي كانت في ملكية عائلة الغطاس المعروفة لدى أهالي المدينة القديمة، بعد أن وجدت فيها كافة المواصفات المثالية. وأعادت تصميمها بما يقارب والمواصفات المعمارية لنفس المقهى الأسطوري.
المقهى الأسطوري ريكس كافي الذي دارت بداخله أحداث الفيلم الشهير كازابلانكا كان قد أقيم في حقيقة الأمر بأحد استوديوهات هوليوود، ولعل نجاح مشروع المقهى المستوحاة منه والشهرة التي إكتسبها بين أوساط السياح، اصبحت تغري المستثمرين بإقامة مشاريع مماثلة تستوحي نفسها من تاريخ المدينة القديمة وتراثها.

تحفة هوليوود المنسية بالبيضاء

بابيا مسو

مجاز في شعبة التاريخ والحضارة و صحفي متدرب في المعهد العالي للصحافة والاعلام بالدار البيضاء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *