“حديقة الجامعة العربية” نبض الدار البيضاء

عن أشهر حديقة بالعاصمة الاقتصادية للمملكة المغربية

اللغة العربية لا تضيقُ بالتكرار بخلاف لغات أخرى، لكن كاتبوا لافتات حديقة جامعة الدول العربية، كان لهم رأيٌ آخر “فهُمْ مِن عشاق حرف الجر “على”، لذلك ستجده مرتين حتى ثلاث في جملة واحدة.

اختار الشاعر إمرؤ القيس الطبيعة لتكون رفيقه في رحلة بحثه العظيمة عن مُلك أبيه، و اختار لنا الأستاذ طلحة جبريل، حديقة جامعة الدول العربية، لنبحث بأنفسنا عن معنى الصحافي الميداني.

درس في الشارع“؛ هي تجربة جديدة جاء بها أستاذُنا و قدّمها لنا في إحدى شوارع البيضاء، جعلت نسبة استيعابنا تفوق الخمسين بالمائة. موضوع الدرس كان هو حديقة جامعة الدول العربية التي تجمع بين نقاء جوّها وجمالية منظرها، الغريب أنه عندما تبحث عنها لن تضيع، نظرا للشارع الذي يتوسطها وجعل منها جهَتيْن واحدةُ مُقابِلة للأخرى، أشجار مُتراسّة بانتظام وارتفاع موحد وأرضية نقية تقُودُك إليها مباشَرة.

تحتضن معظم الأشجار أزهار وردية وأخرى حمراء، استقبلنا في الجانب الأيمن من شارع مولاي يوسف قِطّتان تلعبان بمرح وتتقربان إلينا كأنهما تقولان مرحبا بكم في الجنة، بينما تعالت نظراتنا في البحث عن تفاصيل الشارع.

قابلنا بالصدفة كريم نور الدين أحد المارّين، قدم مباشرة تحية للأستاذ, مازحت صديقتي في الأثناء و قلت لها “حتى الأشجار تعرف طلحة جبريل ” ، لم يبخل علينا كريم بالمعلومات، شارحاً أنه تم انعقاد أول قمة عربية في حديقة جامعة الدول العربية المعروفة قديما بـ ” كازابلنكيز“، كما كانت أيضا مركزا لرياضة ألعاب القوى ومكانا لتكوين أبرز العدَّائين المغاربة مثل نوال متوكل ونزهة بيدوان، وتم افتتاحها رسمياً يوم 22 ماي.

توجهنا بنصيحة من كريم إلى الجهة الأولى للحديقة التي توجد في الجانب الأيسر من الشارع، وجدنا لافتة تعريفية معلقة على باب حديدي يوجد في الجانب الأيسر من باب الدخول، تضم الاسم و أوقات الافتتاح باللغتين العربية والفرنسية، دخلنا من الباب الكبير على يمينه رجال الأمن الخاص، وأمام المدخل نافورة طويلة زرقاء اللون.

في هذه الحديقة يلتقي الرجال و النساء و الأطفال، منهم من يمارس رياضة الجري بالخصوص، و منهم من يجلس متأملا في السماء والخُضرة التي تكسي الأرض، ومنهم من جعلها مكانا للرومانسية يعبّر لحبيبته عن حبه، زادني الفضول و ذهبت لأسأل امرأة عن سبب
تواجدها هناك، نظرت إليَّ بصمت تام و غيّرتِ المكان فورا بدون أن تنطق كلمة واحدة.

الأشجار في كل مكان. سألنا البستاني عن أنواع الأشجار المتواجدة في الحديقة قائلا: “هناك أنواع كثيرة لكن بالضرورة أن نزرع الاشجار التي يمكن أن تتحمل ،لذلك كل واحدة تحتاج إلى مدة معينة للسقي، و كل بستاني هنا يتكلف بمجموعة معينة، مثلا أنا أعتني بشجرة الزيتون، كاليبتوس، انشوفي، نيبارانت”.

لم تقتصر الحديقة فقط على الجلوس و التأمل أو ممارسة الرياضة، بل مكانا أيضًا للتصوير بحيث وجدنا بالصدفة تصوير القناة الثانية لحلقة من حلقات برنامجها * كتاب قريتوا * للصحفي محمد سليم الذي بدوره تمنى لنا مسيرة موفقة.

الجزء المفضل في الحديقة هو المكان المخصص للأطفال حيث توجد الأرجوحة و المنزلقات، في ذلك الجزء رأينا كمية الحب الأمهات لأولادهم والحرص على اللعب معهم رغم سن بعضهم الكبير، هذا المنظر بالذات جعل الحنين يعود بنا إلى الماضي.

لعل من مفارقات هذه الحديقة، هو وجود شابة من فريق الأمن الخاص وهي المسؤولة عن قسم الألعاب، هذا يبيّن أن هاته المهنة لم تعد حكرا فقط على الرجال.

الجهة الثانية للحديقة مِثل الأولى لا تختلف عنها بكثير سوى في المساحة فالأولى أكبر من الثانية مساحة، لكنهما يتّسِمان بنفس الجمالية والديكور.

حديقة جامعة الدول العربية هي مكان يجمع بين الحب والجمال والنقاء. تُبحر بك إلى المستقبل وتَرجع بك إلى الماضي و يمكن أن تتوقف بك في الحاضر.

“حديقة الجامعة العربية” نبض الدار البيضاء

مريم المازغي

طالبة في المعهد العالي للصحافة و الإعلام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *