أنا شمسها وهي قمري

عن شغف الكتابة

هي قمري وأنا شمسها، عن صديقتي أتحدث، تسمى “الكتابة”.
فهي نافذة لكل الكلمات التي تبقى عالقة في أفواهنا ولم نستطع نطقها، إن الكتابة وجه آخر للحزن، لأن السعادة غير صالحة للتدوين بل هي فرصة للاستمتاع بالحياة بكامل ألونها، كما اكتشفت أن الكتابة كالثياب، البعض منهم يفضلها محتشمة جميلة ومنهم يريدها عارية والبعض يرش العطر عليها ليفتن قارئها، والآخر يدهنها بالسم ليقتل من يقرؤها. لأن الكتابة نوع من أنواع التعبير عن المشاعر على الورق، فمن يكتب ليس دائما يكتب لأحد، فغالبا يكتب لنفسه ليقرأها بعد حين ليعرف ماكان عليه وما آل إليه.

أنا شمسها وهي قمري، الكتابة شيء ذاتي ربما يكتسب وربما يولد معنا، حقيقة أنا لا أعرف، أعرف فقط أنني أريد أن أكتب وأعبر عما بداخلي عندما أكون حزينة أو غاضبة، أكتب لأفرج عن نفسي. ربما أنا أنانية في هذا الأمر لأنني عندما أكون سعيدة لا أفكر في الكتابة إلا إذا كانت هناك لحظات أسعدتني كثيرا أصورها ثم أكتب بعض الأشياء بجانبها، لكن لست دائما أكتب عن نفسي أو من أجل نفسي أبداً، غالبا ما أتخيل أشياء وأكتب، أو أشاهد مسلسلا فأرى مشهدا يعجبني أو يترك في نفسي شعور ما وحينها أكتب، دائما تخضعني الكتابة لها أكثر مما أخضعها لي وغالبا الخضوع يريح أحيانا. كل مرة تتغير علاقتي مع الكتابة، فبعض المرات أكتب كل يوم ومرات أخرى أكتب مرة في الأسبوع و في العديد من المرات أغيب و لا أكتب إلا بعد شهور عدة؛ فأنا أغيب عن الكتابة حين أكون مطمئنة لأن الكتابة ربما مسرح الجماهير القلقة والكثيرة التفكير ومتقلبة المزاج.

الكتابة
صورة تعبيرية

أنا أحتاج الكتابة أكثر مما هي تحتاجني، أكتب لأشياء كثيرة ربما عن الأمل والصبر أو الأصدقاء أو عن الحياة أو عن السياسة أو أشياء أعمق وتستحق الكتابة أكثر مني.
أجد نفسي وأبرع في الكتابة أكثر من التحدث ربما لا أستطيع جيدا إيصال شعوري أو كلامي بالتحدث، لكن بالكتابة أفعل. يعتقد البعض أن الذي يكتب أو يقدر على الكتابة يعبر عما بداخله ويملك القدرة على التخلص من مشاعره وأفكاره السلبية لكن هذا لا يحصل دائما.

فأن تكتب معناه أن تجعل من المتورّطين ضحايا، ومن المُدن سليمة البناء ركاما، من القلوب المُفعمة بالحُبّ حُطاما، من الخيال واقعا، ومن اليأس أملا، ومن الحزن سعادة ومن الرماد نارا، و من اللاشيء كل شيء، ومن الإدانةِ براءة، ومن الجحيم جنة.
فالجميعُ قادرٌ على كتابةِ مشاعره وهذا يُسمّى إفصاحًا عن الذات، لكن قلّةٌ من يستطيعون، خلق قصّةٍ وأحداثٍ خياليّةٍ يصدّقونها الآخرون.

ليس الكل يستطيع أن يكتب، فأغلب الأشخاص الذين لديهم شغف بالكتابة، يكتبون بقلوبهم أو عقولهم وليس من فراغ،

فمن يكتب له القدرة على التعبير ويستطيع أن يكتب الاضطرابات التي يشعر بها داخليا، يستطيع أن يتحدث عن مدى الكوارث حوله ويستطيع مواساة ضعفه بالكلمات لتمده بالقوة، يشعر بالملجئ الأسمى بين السطور، ويميز عمق الشعور، فيشعر بالوطن والمقربين، وأيضا بالعابرين والتائهين، يستطيع التعبير عما يشعر به الجميع.

لقد منحتني قمري”الكتابة” دائما إحساسا جميلا ونقيا بالسلام مع الأشياء التي أكرهها وثقة أن باستطاعتي بناء علاقة مودة بيني وبين أي خطأ؛ ذلك لأن الفهم يزيل شعور الكراهية المتولدة أساسا من الجهل.

أنا شمسها وهي قمري

شيماء القوري الجبلي

طالبة علوم إعلام وتواصل ، مدونة في مدونة آفاق وايضا في مدونة وكالة انباء تركيا وكاتبة صحفية مع مجلة انسان واكتب في موقع مقال ومعاني .

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *