بلاد الموت

قصيدة شعرية

بلاد الموت سيدتي
هنا في آخرِ الخندق
بلادٌ عافها التاريخُ
كالأوساخِ في المفرق
بلادٌ ما لها عملٌ
سوى التنكيلِ بالإنسانِ والحيوانِ
والآثارِ والأشجارِ والأنهارِ
لا تهوى ولا تعشق
لها حكّامها الحمقى
لها سكّانها الموتى
لها قانونها الذهبيُّ دستورٌ ولا أخرق:

“إناثُ الحي من رجزٍ
وأهلُ الحب من رجزٍ
وأهلُ الفكرِ من رجزٍ
دماهم إن هدرناها
تسيلُ ولونها أزرق”

.

وناسٌ تدعي التنوير
يعتمرون فوقَ رؤوسهم ريشةْ
حرامٌ مهنتةُ التفكير
– مكتوبٌ على بابِ العبورِ لها –
حلالٌ مهنةُ التعفيشِ والأفيونِ والشيشةْ

.

بلادُ الموتُ سيدتي ستدعونا
غداً كي نحضرَ الحفلةْ
سنشوي لحمَ قاصرةٍ ..
ونشربُ شايَنا الممزوجَ بالهذيانِ ثُمَّ نفضُّها طفلةْ

بلادُ الموتُ تدعونا
فهل سنقولُ: لا كلا ؟!
أم الأعرافُ تعذرنا بذبحِ الوردةِ الفلةْ ؟!

.

بلادُ الموتِ سيدتي لها مختارها الأكبر
بحيثُ تُصدَّرُ الأحكامُ من ديوانها قدراً
لهُ التنفيذُ لا أكثر ..
بلادُ الموتُ أعرفها تموتُ إذا رأت جسداً
لهُ نهدانِ ثوريّانِ يكسرها ولا يُكسر
ويبني فوق عتمتها تلالَ الضوءِ كي يظهر
بلادُ الموتِ يحملها بساطُ الجهلِ فانتظري
فسادَ الجهلِ فالإفسادُ سيدتي
هنا لا غيرهُ يُنظر

.

بلادُ الموتِ أعرفها كلوحِ البوظِ لا تبكي
ولا تشكي ولا تحتاجُ للإيمانِ لا تحتاجُ للكفرِ

مشاعرها من الإسفلت ..
أزهرها من الإسفلت ..
أنهرها مدامعها ..
سماؤها دونما مطرِ
بلادٌ ما لها شمسٌ تطلُّ على مدائنها
ولا إبنٌ من التاريخِ أو بنتٌ من القمرِ

فماذا أقولُ للأحياءِ والموتى
عن الأحلامِ نشنقها عن الآلامِ ندفنها
ظلاماً تحتنا يجري
عن التاريخِ نلعنهُ ويلعننا ..
ونطعنهُ ويطعننا ..
عن الأقلامِ نصلبها على بوابةِ القهرِ

.

بلادُ الموتِ تدعونا فلا لن أقبل الدعوة
ولا لن أقبلَ التفريطَ بالإنسانِ لو مرة

أنا أخشى إذا ما قيلَ في وطني
إذا ما شاعَ: صوتُ إناثهِ عورة !!
إذا ما كان منطقنا إلى التغييرِ كالحلوى

بلادُ الموتِ سيدتي تخافُ بأن تقولَ لنا ..
تخافُ بأن تبوحَ لنا ..
تخافُ تخافُ من إنثى
فتقتلها ولا تأسى

وصوتها رغم سَطوتهم
ورغم السوطِ في يدهم
هو التغييرُ والثورة

ولا ترضى ولن ترضى
بلادُ الموتِ عن ثورة

بلاد الموت

Exit mobile version