تدوينة متصدرة

“جوهرة” الجنوب الشرقي بالمغرب

عن جود وكرَم أهل تافيلالت

عَلّمتني الحياة أن جزءاً كبيراً من سعادتنا أو مِن بؤسنا يعتمد على خياراتنا وليس على ظروفنا، كما قال “ديل كارنيبي” : لا يمكنك تحقيق النجاح إلا إذا أحببت ما تقوم به.
وبالفعل ها أنا أقوم بما أحْبَبَني أستاذ طلحة جبريل فيه ؛ وهو الصحافة الميدانية.

المعروف عن المغرب وأهله الجودُ وَالكرم؛ فغالبية السياح أو المؤثرين الأجانب يشهدون بذلك. في مدينة أرفود، “مدينة التمور”، لن تنام وأنت جائع فور معرفتهم أنك غريب عن المنطقة سوف تحلّ ضيفاً عند أي شخص (البقال، بائع الخضر والفواكه، صاحب طاكسي)

غالبية السكان لا يستقيظون باكرًا ربما بسبب حرارة الطقس، فغالبية الدكاكين لا تفتَح إلى بعد صلاة العصر، خبز (تافرنوت) من ألذّ الأشياء التي كنت أتناولها فهو يُباع بثلاثة دراهم ويمكن أن يكفي لأربعة أشخاص.

قرّرتُ بنصيحةٍ من أبي زيارة الريصاني؛ حيث هناك سوقٌ يقام كل ثلاثاء وخميس فقط، سعر الطاكسي 10 دراهم من مدينة أرفود، الطريق إلى هناك مليء بالأراضي الزراعية، والنخيل مرة على اليمين ومرّة على اليسار، كما أثار انتباهي مُجسّم لشكل الديناصور أمام تعاونية لبيع حليب الناقة.

عندما تصل إلى هناك، تجد على يمينك قصر بوعام، يتوسّطه مدخل كبير يوجد فيه ساحة كبيرة في اليمين تجد محلا كبيراً لبيع الزرابي المجوهرات، وعلى اليسار منازل من الطين.

التقيتُ بصاحب المحل “مولاي حفيظ”، لم يبخل علينا بالمعلومات مصرحاً أنّ اسم القصر هو مولاي علي الشريف أبو عام؛ وإنّ سبب تسميته بذلك هو أنه كان يحجّ عاماً ويجاهد عاماً آخر ويدرّس العِلم عاماً، وأن المنطقة تسمى سجلماسة من منطلق القوافل التجارية التي كانت تمُرّ عبر الصحراء.

لم يقتصر نشاطُ مولاي الحفيظ فقط على بيع الزرابي والمجوهرات بل حتى تحضير “المدفونة” وهي الأكلة الشهيرة في منطقتَيْ أرفود والريصاني. قدّم لنا الرجُل نبذة عن مكوناتها من لحم العجل وبيض ولوز وتوابلَ خاصّة (“راس الحانوت”) و يتم تقديمها مع شايٍ مُعشَّب.

الوجهة الموالية كانتِ السوق، فهو لا يبعُد كثيرا عن قصر أبو عام، خمسة دقائق فقط، الخضر والفواكه بألوانها تشعُّ في السوق، ومحلات الجزارة تبيع لحم ورأس الجمل، إذا أردت أيضا أعشابَ أو كريماتٍ طبيعية للشعر أو الوجه فعليك أن تذهب إلى “العربي” فهو يُحضّر كل شيء بنفسِه وعندَهُ تجتمعُ خَلطاتٌ متنوعة (الحِنّاء، الكْريمات، الأعشاب….) .

وقد صدَق قول الشاعر كلثوم بن عمرو التغلبي عندما قال:

إنَّ الكريم ليخفى عنك عسرته حتى تراه غنيًّا وهو مجهود
وللبخيل على أمواله علل زرقُ العيون عليها أوجُهٌ سُود
إذا تكرَّمت عن بذل القليل ولم تقدر على سعة لم يظهر الجُود

وهذا ما رأيته فعلاً في مدينة أرفود ونواحيها..

“جوهرة” الجنوب الشرقي بالمغرب

مريم المازغي

طالبة في المعهد العالي للصحافة و الإعلام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *